عندما خرجت جماعة عبدالملك من كهفها المظلم في جبال صعدة، وبعد تمكنها من السيطرة على مؤسسات الدولة اليمنية في صنعاء في سبتمبر 2014، كان أمامها فرصة عظيمة للخروج من ظلمات كهفها الضيق - إيدلوجيا وثقافيا ومعرفيا ودينيا - والانصهار في سِعة ونور وتسامح ووسطية المجتمع اليمني الكبير، وهويته اليمانية الجامعة.
كان أمامها فرصة للتطبع بطباع اليمنيين، والإبحار بهويتهم، والإسهام ببناء البلاد معهم، لتحويلها إلى وجهة جاذبة للحياة والتطور والرفاه.
عوضا عن المضي في ذلك الطريق الآمن والسهل لها ولليمنيين، اختارت الجماعة خيار المواجهة مع اليمنيين، متسلحة بنسبها الهاشمي، وبأطماع الفرس في المنطقة العربية.
فضلت المضي في طريق خاص بها، برغم وعورته، ووحشته، وظلمته، ودموية دروبه.
دفعت جماعة عبدالملك باليمنيين إلى موقد كبير، فأوقدت نيرانه بعقائدها الخاصة وبمروياتها الطائفية، وبسردياتها العجيبة، سعيا لصهرهم، وإعادة تشكيلهم، في محاولة بائسة لحشرهم في سرداب كهفها الصغير المظلم!
وحسب ما تعتقده - جماعة عبدالملك- لضمان تطبيع اليمنيين بطباعها وإعادة منتجة سلوكهم وتدينهم، سارعت لتغيير كل القوانين واللوائح والأنظمة والعادات والتقاليد، بما يتناسب مع معتقداتها، ويدعم تفردها بالدولة والمجتمع، والثروات.
ذهبت لتبديل أسماء كل ما أنتجته دولة اليمنيين؛ من مشاريع ومؤسسات ومدارس ومستشفيات وشوارع وقاعات، بأسماء قادتها وأئمتها، وبتواريخ مناسباتها الخاصة.
استبدلت موظفي الدولة اليمنية بمجاميع من سلالتها وأتباعها.
ظلت خلال السنوات الماضية تنحت في صخور اليمن الصلبة، لتغيير وجهه الحضاري والثقافي والمعرفي والديني، واستبداله بشعاراتها اللعانة، وبصرخاتها الحاقدة وبسردياتها الخاطئة وبألوانها الطائفية ومروياتها المذهبية الكئيبة، التي سبق أن فشلت في عقر دارها قبل 1400 عام.
يا ترى، هل ستنجح جماعة عبدالملك بحشر الشعب اليمني الكبير تحت عمامتها السوداء، وفي سردابها الصغير المظلم؟