الابتزاز الالكتروني في اليمن سلاح قذر يستهدف النساء، الشريحة المستضعفة في المجتمع اليمني والعربي عمومًا للأسف، يهدد حياتهن وكرامتهن في الامتداد الاجتماعي الموروث الـ تحكمه أعرافه القاسية (اللا قيمة لها موضوعيًا وإنسانيًا)، إذ لا يُنظر إلى الضحية كضحية، بل تُحمَّل وحدها وزر الجريمة، فيُحكم عليها بشتى الإدانات التي قد تصل حد التحييد من الحياة، بينما ينجو الجاني، بل ربما يجد له من يبرر فعله الساقط أخلاقيًا، ويغض الطرف عن جرمه المرتكَب.
كم قصة انتهت بمأساة؟
كم فتاة فقدت روحها، أو دُمرت حياتها الاجتماعية منها والزوجية، أو حُرمت من حقها في التعليم والعمل، فقط لأنها سقطت في شِباك مسخ بلا ضمير؟
لا شيء أقسى من مجتمع يقتل الضحية مرتين: مرة بتركها وحدها تواجه الخطر، ومرة حين يدينها بدلًا من حمايتها.
والسؤال الذي يجب أن نطرحه بوضوح هو:
أين يقف الرجل اليمني في كل هذا؟
هل دوره أن يكون مجرد قاضٍ يصدر الأحكام؟ أم أن عليه أن يكون سندًا، صديقًا، ملجأً يحمي المرأة لا سيفًا مُسلّطًا؟
حين تتعرض فتاة للابتزاز، فإن أول ما تحتاجه هو ملاذٌ آمن، شخص تثق به، تبوح له دون تردد وخوف. هنا بالذات يأتي دور الأب، الأخ، الزوج، والابن. والرجل -حقيقية- ليس من يفرض الوصاية ويزرع الهلع، بل من يمنح الطمأنينة ويمنع الكارثة قبل وقوعها.
كونوا أصدقاء لزوجاتكم، لبناتكم، لأخواتكم، لأمهاتكم.
لا تتركوا المرأة وحيدة في مواجهة هذا الجحيم.
شجعوها على أن تتحدث، أن تواجه، أن ترفض الرضوخ لأي تهديد.
المرأة التي تعرف أن هناك من يقف معها، لن تسقط بسهولة في الفخ، ولن يبتزها أحد؛ لأن قوة المبتز تبدأ بل تكمن في عزل ضحيته، وفي جزعها ورعبها من أقرب الناس إليها.
لا بد ويجب على الأهل أن يعلّموا بناتهم وأولادهم معًا كيفية التعامل مع هذا الفضاء الافتراضي المفتوح بوعي وثقة ومسؤولية.
وعلى الفتيات أن يدركن جيدًا وبعمق أن الثقة العمياء ليست جيدة بالمرة؛ لأنها قد تقتل أحيانًا وخاصة في بيئة مثل بلدنا، وأن لا شيء يبرر على الإطلاق (أكرر: على الإطلاق) مشاركة صور أو معلومات شخصية مع أي كان (أكرر: مع أي كان).
يجب أن يكون هذا الأمر مفروغًا منه وعلى نحو صارم لا استثناء فيه البتة.
وعلى الرجال أن يدركوا أن الرجولة الحقيقية لا يمكن أن تكون بالتحكم والقمع، بل بالحماية والدعم.
المجتمع الذي يجعل من النساء أهدافًا سهلة للابتزاز، هو مجتمع يدين نفسه قبل أن يدين ضحاياه. والمجتمع الذي يصمت على هذه الجرائم، هو مجتمع يصنع وحوشًا بلا رادع، ويدفع الأبرياء إلى المآسي.
أيها الأخ الرفيق يا كل رجل في ربوع اليمن جنوبًا وشمالًا:
كن سندًا لا قاضيًا، أمانًا لا تهديدًا، وكن القوة التي تحمي، لا الجدار الذي يكبّل ويحاصر؛ فالمرأة التي تجد إلى جانبها رجلًا يحميها، لن تخشى أحدًا، ولن يسلبها أحد كرامتها أبدًا.