آخر تحديث :الخميس-20 فبراير 2025-11:41ص

تأثير مليشيا الحوثي على العملة وتحولات الاقتصاد المحلي

الثلاثاء - 18 فبراير 2025 - الساعة 12:56 ص

نعائم خالد
بقلم: نعائم خالد
- ارشيف الكاتب


تشهد اليمن منذ عدة سنوات صراعاً داخلياً معقداً أسفر عن أزمة إنسانية واقتصادية خانقة. في خضم هذا الصراع، تبرز قضية العملة الوطنية كواحدة من أبرز الأزمات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن اليمني. تتبنى مليشيا الحوثي الإرهابية أساليب غير مشروعة في التحكم بالعملة، مما أدى إلى تدهور قيمتها وزيادة معاناة الشعب.


تعد العملة الوطنية، مثلها مثل أي عنصر اقتصادي، عرضة للتقلبات نتيجة للأحداث السياسية والاقتصادية. في حالة اليمن، أدى الانقسام بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية وتلك التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية إلى تباين كبير في قيمة العملة. ففي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، يحتفظ الريال اليمني بقيمته، بينما في المناطق التي تسيطر عليها الحوثي، شهدت العملة تراجعاً كبيراً. على سبيل المثال، قد تكون قيمة مائة ريال في مناطق الشرعية هي نفسها، بينما في مناطق الحوثيين قد تصل إلى أربعة أضعاف تلك القيمة. هذا الفارق الكبير يعكس الفوضى الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.


تتعدد الأسباب التي أدت إلى تدهور العملة، ومن أبرزها:


التلاعب بالأسواق: تقوم مليشيا الحوثي الارهابية بالتلاعب بأسعار الصرف من خلال فرض قيود على تداول العملة، مما يؤدي إلى خلق سوق سوداء. هذا التلاعب ينعكس سلباً على القوة الشرائية للمواطنين.


الفساد والضرائب غير الشرعية: تفرض مليشيا الحوثي الارهابية ضرائب غير قانونية على الأنشطة التجارية، مما يزيد من الأعباء المالية على التجار ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار.


الحصار الاقتصادي: تتعرض المناطق الخاضعة للحوثيين لحصار اقتصادي، مما يجعل الحصول على السلع الأساسية أمراً صعباً ويؤدي إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.


تأثير هذا التباين في قيمة العملة ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطن اليمني. أولاً، يعاني المواطن من ارتفاع الأسعار في المناطق التي تسيطر عليها الحوثي، حيث تضاعفت أسعار السلع الأساسية، مما جعل من الصعب على الكثيرين تأمين احتياجاتهم اليومية. على سبيل المثال، في ظل تدهور العملة، قد يصل سعر الخبز إلى ستة أضعاف ما كان عليه قبل الأزمة.


ثانياً، أدى تدهور قيمة العملة إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة، حيث أصبح العديد من الناس غير قادرين على الحصول على وظائف بسبب عدم استقرار العملة. وقد أظهرت التقارير أن أكثر من 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مما يعكس عمق الأزمة.


إن عدم الاستقرار في العملة الوطنية أدى إلى عدم استقرار في السوق اليمني بشكل عام. التجار والمستوردون يجدون صعوبة في تحديد الأسعار، مما يؤدي إلى عدم الثقة في التعاملات التجارية. كما أن تدني قيمة العملة يساهم في تفشي الفساد والممارسات الاقتصادية غير المشروعة، حيث يسعى الكثيرون للاستفادة من الفوضى الاقتصادية.


لا تقتصر آثار الأزمة الاقتصادية على الجوانب المعيشية فحسب، بل تمتد لتشمل آثاراً نفسية واجتماعية. يعاني الكثير من المواطنين من القلق والاكتئاب بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، مما يؤثر على الروابط الأسرية والاجتماعية. إضافة إلى ذلك، تزايدت معدلات الهجرة واللجوء، حيث يسعى العديد من الشباب إلى البحث عن فرص أفضل خارج البلاد.



لمواجهة هذه الأزمات، من الضروري أن تتعاون الأطراف المختلفة في اليمن لإيجاد حلول فعالة. يمكن أن تشمل هذه الحلول:


استعادة النظام النقدي: يجب أن يكون هناك تنسيق بين الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي لوضع خطة شاملة لإعادة استقرار العملة. يتطلب ذلك وضع سياسة نقدية واضحة تتضمن تحديد سعر صرف عادل.


تعزيز الثقة: يتطلب الأمر بناء الثقة بين المواطنين والسلطات، من خلال الشفافية في العمليات الاقتصادية. يجب أن تكون هناك آليات لمراقبة الأسعار وتحديدها بشكل عادل.


الدعم الدولي: تحتاج اليمن إلى دعم دولي للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد وتوفير المساعدات الإنسانية. يتضمن ذلك تقديم المساعدات المالية والفنية لإعادة تأهيل البنية التحتية الاقتصادية.


تفعيل القطاع الخاص: يجب تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في إعادة بناء الاقتصاد من خلال تقديم حوافز للاستثمار في المناطق المتضررة.


التعليم والتوعية: من الضروري أن يتم توعية المواطنين حول كيفية التعامل مع الأزمات الاقتصادية، وتعليمهم مهارات جديدة تعزز من فرص العمل.


إن الوضع الاقتصادي في اليمن، خاصة فيما يتعلق بالعملة الوطنية، هو نتيجة مباشرة للصراع المستمر وتأثير مليشيا الحوثي. إن معالجة هذه القضية تتطلب جهوداً متكاملة من جميع الأطراف، وفقط من خلال التعاون يمكن تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين حياة المواطن اليمني. يتطلب الأمر رؤية شاملة وخططاً مدروسة لإعادة بناء اليمن، حيث أن العملة القوية هي أحد الأسس الضرورية لبناء اقتصاد مستقر ودائم.


تشير التقارير إلى أن نسبة الفقر في اليمن قد ارتفعت إلى 75%، وأن هناك أكثر من 24 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية. كما أظهرت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) أن 45% من سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يعني أن 13.5 مليون يمني يواجهون الجوع بشكل يومي. هذه الأرقام تعكس عمق الأزمة وتؤكد على ضرورة التحرك الفوري لإيجاد حلول مستدامة لأزمة العملة والاقتصاد في اليمن.