آخر تحديث :الإثنين-27 يناير 2025-05:37م

ترقص فتاة فيصبح هذا فعلًا فاضحًا!

الإثنين - 27 يناير 2025 - الساعة 12:48 ص

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


يعلو تناقض صارخ في مجتمعنا بين ما يُعلن من قيم وما يُمارس فعليًا.

جوهر الأخلاق في كل المجتمعات يرتكز على سلوك الإنسان بشكل عام. غير أن ما نراه في هذا المجتمع أصبح مقتصرًا على مراقبة سلوك المرأة، بينما يُغفل –لا حس ولا خبر- عن الانتهاكات الأخرى التي تمس جوهر الكرامة الإنسانية.


ترقص فتاة فيصبح هذا فعلًا فاضحًا!

ليش؟

لمه؟

لموه؟

لماذا؟

لأن الرقص هو الرمز الظاهر الذي يلتفت إليه المجتمع لقياس "النظافة الأخلاقية" المزعومة. بينما يتناسى هذا السلوك الزائف أن المسألة لا تُقاس برقص أو حديث أو لباس، بل بمجموع القيم التي يعيشها الإنسان (رجلًا وامرأة) في حياته اليومية.

لا بأس أن تكذب وتنافق، أو أن تنتهك حقوق الآخرين، لكن أن ترقص امرأة –وهو سلوك عادي وطبيعي– هنا فقط يعلو صوت الرقيب وعادات المجتمع.

أي وعي هذا؟


التركيز على سلوك الآخرين، دون النظر إلى الذات، يعكس ابتعادًا عن الجوهر الذي يجب أن يرتكز على الالتزام الشخصي.

الأخلاق ليست مراقبة تصرفات الآخرين أو فرض نمط سلوكي معين، بل هي سلوك فردي يرتكز على الضمير والالتزام بالمبادئ الإنسانية.

من أنت عندما تراقب غيرك؟

من أنت عندما تنصب نفسك حكمًا على سلوك غيرك وتذهب للتدخل في حياته وشؤونه وخصوصيته؟


من يراقب الآخرين ويشغل نفسه بسلوكياتهم هو في الواقع فاقد للقيمة الأساسية، وأولها التواضع والصدق.

التواضع مهم.

مهم أن تعرف حدودك ومن أنت.

أن تعرف ذلك بعمق.

والمنظومة القيمية بالنسبة لك لا يفترض أن تُقاس بسلوكيات الآخرين، بل تبدأ من الداخل، منك أولًا.

وأن تركز على تصرفات غيرك يعني أنك قد فقدت القدرة على فهم ذاتك. والواجب أمامك أن تبدأ بتقييم نفسك أولًا وثانيًا وعاشرًا.


في هذا السياق، تتخلى الأخلاق عن جوهرها الإنساني وتصبح سلوكًا خارجيًا لا قيمة له. وهي ظاهرة تكشف انحدارًا مريعًا في القيم الاجتماعية والإنسانية. المجتمعات التي تظل منشغلة بمراقبة وتقييم سلوك الأفراد بناءً على مظهر المرأة أو تصرفاتها العاطفية، هي مجتمعات تعاني من تشوهات عميقة في الفهم.


المرأة جزء من المجتمع، وليست مرآة له فقط، وكذلك الرجل. الإنسان هو المجتمع والمرآة معًا.

الأخلاق لا جنس لها.

الأخلاق تبدأ من الداخل، من الوعي الذاتي، وتنتهي في التعامل مع الآخر باحترام وكرامة. وهي المبادئ الناظمة لسلوك الفرد والجماعة التي تحدد الصواب والخطأ بالاستناد إلى قيم إنسانية مشتركة أس أساسها الصدق ومعاملة الآخر بمثل ما تحب أن تُعامل، والاحترام على قدر حقيقي من الاتضاع تحت مظلة مقدسة هي مظلة المحبة والكرامة الإنسانية.


فأن ترقص فتاة في الشارع سلوك طبيعي لا يضرب الأخلاق. (رقصتْ مع ذلك محجبة بل ومنقبة!!!)

من يضرب الأخلاق أن تذهب للاعتداء على تلك الفتاة.