بعد مرور خمسة عشر شهرًا من العدوان الصهيوني المتغطرس على قطاع غزة وما نتج عنه من تهجير ونزوح وسقوط عشرات الآلاف من الشهداء المدنيين الفلسطينيين وتدمير غالبية المساكن والمنشآت التعليمية والصحية والخدمية والانسانية والبنى التحتية، يأس الكيان الصهيوني من تحقيق أهدافه الإجرامية بالعمليات العسكرية ورضخ للحلول السلمية، وبدأ الطرفان الفلسطيني والصهيوني بتنفيذ بنود المرحلة الأولى من المبادرة المتوافق عليها والمتضمنة في أحد بنودها عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال والتى بدأت فجر يوم أمس الاثنين ال 27 من يناير 2025م في مشهداً مؤلم اختلطت فيه دموع الفرح بدموع الأحزان .
يوم تاريخي عبر عن نجاح صمود وثبات واصرار الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الصهيونية وعن فشل وعجز الكيان الصهيوني عن تحقيق أهداف عمليته العدوانية وفي مقدمتها تحرير الرهائن والقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية وتهجير سكان شمال القطاع وإحتلاله والسيطرة عليه وإقامة المستوطنات الصهيونية والمناطق العسكرية على أرضية .
لقد حملت عملية عودة مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال مشياً على الاقدام العديد من الرسائل أهمها أن عودة النازحين الى شمال القطاع افشلت مخططات واحلام التهجير الصهيونية وأن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يتخلى أو يتنازل أو يفرط حتى بشبر وأحد من أراضيه أو أن يقبل بالتهجير من وطنه مهما كانت الأسباب والظروف ومهما كانت الخسائر والتضحيات، ولذلك عاد النازحون من جنوب القطاع إلى الشمال وإلى منازلهم المدمرة التى تساوت بالأرض واصبحت أكوامًا من الركام ليعيشوا على ركامها بالرغم من استمرار المخاطر الأمنية وقساوة الحياة والأوضاع المعيشية والإنسانية وانعدام الخدمات الأساسية .
وحملت رسالة أخرى مضمونها أن الأراضي الفلسطينية ملك خاص لأبناء الشعب الفلسطيني وأن القضية الفلسطينة هي قضية الأمة العربية المحورية وأنه لا يحق لأي دولة أو كائن من كان أن يهجر الشعب الفلسطيني أو يقترح تهجيرة ويتصرف بأراضيه، وأن الشعب الفلسطيني ومن اليوم لن ينخدع مرة اخرى بالنزوح ومغادرة منازله وأماكن اقامته مهما كلفه الأمر من تضحيات، وبانه سوف يستمر بالنضال والصمود والدفاع عن أراضية ومواجهة العدوان الصهيوني حتى يتمكن من إنهاء الاحتلال واستعادة حقوقة المسلوبة واقامة دولته الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف .