آخر تحديث :الخميس-30 يناير 2025-01:28ص

تمييع مظالم الشعب اليمني عبر تصغير المسميات وتطبيع المفاهيم!

الأربعاء - 29 يناير 2025 - الساعة 01:37 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


قبل ما يزيد عن ستة عقود من وقتنا الحاضر، وبعد قيام الجمهورية الأولى، ظهر خليط لزج من فئة سُميّت بـ "التكتل الثالث"، عملت على حصر مشكلة اليمن مع أسرة "حميد الدين" فقط، وساهمت بذلك التصغير المُخل على تمييع الجرائم الجسيمة التي اُرتكبت بحق اليمنيين لقرون طويلة عبر حصرها بأسرة واحدة فقط، وشاركت بتطبيع العلاقات مع شريحة العصابة الإجرامية المتبقية عبر شرعنة لقاءات المشاورات العديدة ومؤتمرات المصالحات المتنوعة!. وواقعيًا وتاريخيًا، لم تكن مشكلة أبناء اليمن مع أسرة واحدة ممثلة بأسرة "حميد الدين" فقط، بل إنها كانت مع عصابة متكاملة مكونة من فئتين، فئة أولى دخيلة متمثلة بـ الكهنوتية السلالية، وفئة ثانية عكفوية مصابة بداء مذهب السلالية حيث تُعد من أخطر أدوات الفئة الأولى وتقوم بمقام خط الدفاع الأول عنها!.

وها هو أمتداد "التكتل الثالث" يعود مجددًا اليوم، ويكرر المحاولة بنفس الآلية السابقة عبر حصر الإشكالية مع أسرة واحدة متمثلة بأسرة "الحوثي"؛ ولكن السياقات التاريخية تُنبه مجددًا بصوتًا مرتفع، بأن جذور الصراع ليست مع أسرة واحدة ممثلة بأسرة "الحوثي" فقط، بل إنها مع نفس العصابة المتكاملة السابقة المكونة من نفس خلايا الفئة الأولى الدخيلة (الكهنوتية السلالية)، ومن نفس خلايا الفئة الثانية العكفوية المصابة بداء مذهب أئمة السلالية.


ومع تقّدم العصر وتطور المصطلحات، تطورت معها كذلك المفاهيم والمفردات، حيث ظهر "تكتل ثالث" بنسخته المطورة "المُشرعنة"، وأصبح هنالك من يحاول توظيف مفردة "الشرعية" لشرعنة إجرام العصابة الكهنوتية السلالية وأدواتها؛ وذلك بواسطة تمييع المظالم، ودفن القضايا، وحرف البوصلة، والانتهاء بـ المحاصصة وتقاسم الكعكة على حساب تضحيات الأبطال ونضالات الأحرار، وعلى حساب دماء أبناء الشعب اليمني وأوجاعه ومعاناته لسنوات عجاف طوال!.


وما بين ركام نفايات "التكتل الثالث" بنسختيه القديمة والحديثة (المٌشرعنة)، خرجت نبته غريبة تطرح بأنه لا يمكن أن يتم تحرير أرض سبأ وحِميّر إلا بالتعاون مع المصابين بداء مذهب أئمة السلالية وإشراكهم بتلك المهمة العظيمة؛ والواقع التاريخي يُنبئنا مسبقًا بأنه لا يمكن أن تُحرر أرض اليمن إلا باستبعاد أولئك المصابين بشكل كلي عن أي عمل ثوري، وبكسرهم اولاً، ومن ثم إعادة تأهيلهم وإخراج الدم الفاسد من أجسادهم!.


نقول للتكتل الثالث الحالي السابق بنسخته القديمة، بأن الأسرة الواحدة لا تستطيع أن تسيطر على دولة بأكملها، ولا يمكنها أن تعبث بمصير شعب تعداده بالملايين؛ بل ان وراء تلك الأسرة الواحدة، الآلاف من الكهنوتية السلالية المُنظمة عبر شبكاتها الداخلية والخارجية، والآلاف من قفازاتها القذرة المصابين بداء أئمة السلالية؛ ممن سهلوا لهم اختراق المدن والمديريات والمحافظات، وفتحوا لهم أبواب المؤسسات (المدنية والعسكرية)، ويسّروا لهم أجهزة الاتصالات، وعّينوا مُخبريهم ضمن البعثات، ووفروا التدفئة اللازمة للفقاسات، وتعاونوا مع تجارهم لتهريب ما يلزم من الأدوات والآلات، ومَهَّدوا لهم عقد الصفقات، و أتاحوا لهم التمدد بين الأحزاب والمكونات، وأعانوهم إعلاميًا بالظهور عبر الفضائيات، وذَلَّلَوا لهم كافة الصعوبات!.


ونقول للتكتل الثالث المُطور بنسخته الحديثة "المٌشرعنة"، بأن الشرعية شرعية أبناء الشعب، وأن دور الشرعية يتمثل بحماية الشعب وصون كرامته وتقديم الخدمات له، ويكمن بالمحافظة على مقدرات الدولة وتغليب المصالح الوطنية العليا عن بقية المصالح؛ ولا يتمثل بأي حال من الأحول بشّرعنة العصابات الإجرامية أو تنفيذ الأجندة الخارجية!.


ختامًا، لا لتمييع مظالم الشعب اليمني عبر تصغير المسميات وتطبيع المفاهيم، وبدلاً من تسمية الفئة الإجرامية الباغية الدخيلة الحالية بـ "الحوثي"، يتوجب تسميتها بـ الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة (أدواتها التاريخية)!. وإضافة إلى ذلك، لا لتوظيف المفاهيم واستغلالها، وبدلاً من التلاعب بمفردة "الشرعية"، يجب أن يدرك الجميع بأن الشرعية شرعية أبناء اليمن، وكل اليمنيين أقيال إلا من أبى ذلك، وبأن الشرعية شرعية من يحافظ على الأمن القومي بشتى مجالاته ويراعي المصالح القومية العليا بمختلف تفرعاتها، وبأن الشرعية شرعية من يعمل على تطهير اليمن بواسطة إزالة الكهنوتية واستئصال سرطان السلالية وتنظيف أدواتها من القفازات القذرة، وبأن الشرعية شرعية من يقوم بدور حماية الشعب واستعادة هويته وصون كرامته واسترداد كافة حقوقه؛ أي أن الشرعية شرعية أقيال اليمن، شرعية أقيال القومية اليمنية.