آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-02:25ص

هيئة حوثية لابتزاز المنظمات وسرقة المساعدات

الجمعة - 21 فبراير 2025 - الساعة 02:20 ص

همدان العليي
بقلم: همدان العليي
- ارشيف الكاتب


بعد تزايد انتقادات المؤسسات الدولية لعمليات النهب العشوائي للمساعدات الإغاثية من المنافذ ونقاط التفتيش والمخازن، عمل الحوثيون على إنشاء جهات لتنظيم عمليات النهب والاستغلال للمساعدات الإنسانية وابتزاز المنظمات الدولية.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017م، أنشأ الحوثيون ما سُمِّيَ وقتها بـ «الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشئون الإنسانية ومواجهة الكوارث» واختصارها (نمشا) لتقوم بمهمة التواصل والترتيب مع المنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي والتنموي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019م، ألغوا الهيئة السابقة، وأنشأوا ما سُمِّيَ بـ «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي» (سكامشا) بحيث أصبح القيادي الحوثي المُقرَّب من عبد الملك الحوثي «أحمد حامد» رئيس مجلس إدارة المجلس إضافة إلى أعماله الأخرى، كما أصبح القيادي الحوثي عبد المحسن الطاووس أمينًا عاما للمجلس.

القرار ذاته، ألغى قطاع التعاون الدولي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي الذي كان مَعْنِيًّا بالتواصل والتنسيق مع المنظمات الدولية، وينقل القطاع ومهامه واختصاصاته إلى المجلس الأعلى المذكور.. لكن لماذا تم إلغاء قطاع التعاون الدولي في وزارة التخطيط؟ وما حاجة الحوثيين لإنشاء كيان مستحدث ومنفصل عن الوزارة المعنية بهذه الأنشطة؟!

والإجابة هي أن الحوثيين وجدوا صعوبة في تنفيذ سياستهم الجديدة بالطاقم الوظيفي القديم، فالغالبية العظمى من العاملين في هذا القطاع لا يُؤيِّدون الجماعة شأنهم شأن بقية الموظفين في مؤسسات الدولة التي يسيطر عليها الحوثيون. ولهذا قاموا بتعطيل هذا القطاع الهام، وإنشاء هيئة ينتمي الموظفون فيها لجماعة الحوثي بشكل مُطلق، وبما يساعدهم على استغلال المساعدات بسهولة وسرية تامة، كما قامت بتعيين عناصر ومُمثّلين لها في كافة المديريات وفي عدد من القرى الكبيرة المنتشرة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وتتلخَّص أعمال وأنشطة المجلس في التالي:

- تحديد المناطق والفئات المُستهدَفة والأسماء المُستحِقَّة للمساعدات بحيث يتم التركيز على الأتباع، فضلًا عن وضع الأسماء الوهمية.

- تحديد أسماء المنظمات المحلية الحوثية التي تعمل كوسيط بين المنظمات الدولية والمواطنين، وبهذا الشكل تنجح في توجيه المساعدات كما تريد ولمن تريد.

- إصدار تصاريح أو تجديد تصاريح عمل المنظمات الدولية والمحلية التي تقبل التعامل معهم.

- تحديد المشاريع والأنشطة التي يجب على المنظمات تنفيذها.

- إصدار تصاريح عمل الموظفين الأجانب الجُدُد لدى المنظمات.

- إصدار تصاريح التحرّك داخل البلاد للموظفين في المنظمات بمَن فيهم المحليين.

- تحديد المناطق التي يتم استبعادها من المساعدات.

- فرض موظفين تابعين لها داخل مكاتب المنظمات أو المشاريع التابعة لها.

- حظر عملية المسح الميداني على كافة المنظمات المحلية والدولية، وحصرها على المجلس، ليتم الاعتماد على ما يُحدِّده الحوثيون من احتياجات، وكذا قوائم المستفيدين التي يحددونها.

في الوضع الطبيعي، تقوم الحكومات المُعترَف بها ببعض هذه الإجراءات بالشراكة والتنسيق مع المنظمات لترتيب الأعمال الإنسانية والتنموية بما يضمن تحقيق مصالح الفئات المُستهدَفة من هذه المساعدات، إلَّا أنَّ المشكلة هُنا بأنَّ الحوثيين أنشأوا هذا المجلس بهدف تحقيق أهداف سياسية وعسكرية وعِرْقطائفية.

ربط الحوثيون المجلس بجهاز الأمن والمخابرات الخاص بهم الذي أسسوه على أنقاض الأجهزة الأمنية التابعة للدولة قبل السطو على المُؤسَّسات، وهذا ما ساعدهم على فَرْض موظفين تابعين للمجلس في المنظمات الدولية والمحلية، فضلًا عن تسخير النقاط الأمنية والعسكرية في الطرق والمحافظات والقرى، ليكونوا على اطلاع تام بتحرُّك المساعدات، وإيقاف أي تحرُّك إنساني غير خاضع لهم. وقد أشارت ليز جراندي والتي عملت لسنوات مُنسِّقًا للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن لهذه الحقيقة في شهادة تاريخية أدلت بها أمام اللجنة الفرعيّة للعلاقات الخارجيّة بمجلس الشيوخ حول الشرق الأدنى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ومكافحة الإرهاب، حيث قالت: «فرضتْ جماعة أنصار الله فعليًّا مئات القيود على المساعدات الإنسانيّة؛ سعيًا إلى التحكُّم في نوعيّة جميع أشكال المساعدة الإنسانيّة وتدفُّقها بل واستهدافها. كذلك تواصل جماعة أنصار الله تهديد العاملين في المجال الإنسانيّ والتنمُّر عليهم وترهيبهم واحتجازهم».

تَحكَّم المجلس بكُلِّ صغيرة وكبيرة متعلقة بالمنظمات الدولية، حتى على مستوى شركات النقل التي فرضوا على المنظمات التعامل معها، فقد أنشأ الحوثيون شركات نقل للتعامل مع المنظمات الدولية والمحلية والمؤسسات الحكومية التي تتلقى دعمًا من المنظمات، أهمّها شركتا «جولدن كار» التابعة للقيادي الحوثي عبد الله نور أحد أقارب عبد المحسن الطاووس، و«الرحلة السعيدة» التابعة لأحد المقربين من القيادي الحوثي أحمد حامد. وتجني هذه الشركات أموالًا طائلة تُدْفَع ضِمْن المساعدات المقدمة لليمنيين.

ويحصل العاملون في «سكامشا»، على أجور ومرتبات عالية جدًّا مقارنة بما تقدمه المؤسسات الحكومية والخاصة في اليمن، فضلًا عن حصول العاملين في المجلس الحوثي على منح دراسية في مجال اللغات والدراسات العُليا في الداخل أو الخارج، كما أن أثاث المجلس وفروعه من أشهر الماركات العالمية بحسب تقارير إعلامية مختلفة. وبطبيعة الحال، هذه الأموال التي يتم تبديدها على العاملين في المجلس مخصومة من أموال المساعدات المُقدَّمة للجياع الذين جاءت هذه المساعدات باسمهم ولإنقاذهم.

كثيرة هي التقارير الإعلامية المحلية والدولية التي سلطت الضوء على جوانب من فساد وعبث الحوثيين بالمساعدات الدولية، وأبرزها تقارير أعدتها الصحفية المصرية المعروفة «ماغي مايكل»، ونشرتها وكالة الأنباء «أسوشيتد برس» وهي من أهم وكالات الأنباء في العالم.

أشار التحقيق الاستقصائي الأول للصحفية «ماغي مايكل» الذي نُشر بعنوان «سرقة المساعدات الغذائية ومعاناة الجوع في اليمن»، إلى بعض الحالات التي نهبت فيها المساعدات في محافظة تعز جراء الانفلات الأمني في مرحلة ما بعد تحرير المدينة من هيمنة الحوثيين، لكنَّهُ في ذات الوقت أكد بأنَّ عمليات نهب المساعدات منتشرة بشكل أوسع وأكبر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي وعلى يد الحوثيين أنفسهم. ولأهمية مثل هذه التحقيقات والتقارير الدولية لما تحتويه من شهادات هي بمثابة توثيق لفترة هامة وعصيبة من تاريخ اليمن، سأضع أبرز ما جاء فيها حول ما يخص الحوثيين من نهب وإعاقة وصول المساعدات على شكل نقاط مختصرة:

- عزا بعض المراقبين ظروف شِبْه المجاعة في معظم أنحاء البلاد إلى حصار التحالف للموانئ التي تُزوِّد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. لكن التحقيق الذي أجرته وكالة أسوشيتد برس وجد بأنَّ كميات كبيرة من الطعام تدخل البلاد، وبمجرد وصولها، لا يصل الطعام غالبًا إلى الأشخاص الذين هُم في أمَسِّ الحاجة إليه - مِمَّا يثير تساؤلات حول قدرة وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الكبيرة الأخرى على العمل بفعالية في اليمن.

- اتهم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة للمَرَّة الأولى الحوثيين بتحويل مسار المساعدات. وقال مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي في رسالة إلى زعيم الحوثيين أنَّهُ إذا لم يحقق المتمردون وضع حد للسرقة، فإنَّ المنظمة ستعلق بعض المساعدة، مِمَّا قد يؤثر على ما يقرب من 3 ملايين شخص. وأضاف بأنَّ الحوثيين يسرقون الطعام من أفواه الأطفال اليمنيين الجياع.

- أكد برنامج الأغذية العالمي أن تحقيقاته الخاصة توصلت إلى أدلة على قيام الشاحنات بنقل المواد الغذائية بشكل غير قانوني من مراكز توزيع الغذاء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وكذلك الاحتيال من قبل موزع محلي للمساعدات الغذائية مرتبط بالحوثيين.

- لم يستطع برنامج الغذاء العالمي أن يراقب ويتأكد من وصول المساعدات إلى اليمنيين إلَّا بنسبة 20 بالمائة من إجمالي عمليات التسليم في 5 ألف موقع توزيع يخدم 10 ألف شخص شهريا.

- على الرغم من زيادة المساعدات، استمر الجوع في النمو.

- في بعض أجزاء البلاد، أدَّى القتال وحواجز الطرق والعقبات البيروقراطية إلى تقليل كمية المساعدات الواردة. وفي مناطق أخرى، تصل المساعدات ولكنها لا تصل إلى العائلات الأكثر جوعًا.

- في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، تقدر منظمات الإغاثة الدولية أن 445 ألف شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية في بعض الأشهر. وقد أرسلت الأمم المتحدة ما يكفي من الغذاء لإطعام ضعف هذا العدد. ومع ذلك، تُظهر أحدث الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى أنَّ 65 بالمائة من السكان يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء، بما في ذلك ما لا يقل عن 7000 شخص ضمن مجاعة أكيدة.

- كان مسؤولو الأمم المتحدة بشكل عام حذرين من تقديم تصريحات حول انتهاكات الحوثيين، ويرجع ذلك إلى مخاوف من أن يقوم الحوثيون بمنعهم من الوصول إلى الأشخاص الجائعين.

- قال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة، إنَّ عناصر معينة من الحوثيين تمنع الوكالة من الوصول إلى بعض أجزاء من أراضي المتمردين، ويبدو أنَّهُم يحولون المساعدات الغذائية واصفًا ما يحدث بأنَّهُ وصمة عار، وإجرامي، وخطأ يجب أن ينتهي لأنَّ الأبرياء يعانون.

- قام الحوثيون بإغلاق الطريق الرئيسي إلى تعز، مِمَّا يعقد مهام منظمات الإغاثة ويعيق إيصال الطعام والإمدادات الأخرى إلى المدينة.

- يقول مسؤولون وعمال إغاثة إن المتمردين الحوثيين تحرّكوا بقوة في هذه المناطق للسيطرة على تدفق المساعدات الغذائية، مِمَّا ضغط على عمال الإغاثة الدوليين بتهديدهم بالاعتقال أو طردهم من اليمن، وأقاموا نقاط تفتيش تطالب بدفع «ضرائب جمركية» على شاحنات إغاثية تحاول المساعدة والتحرّك عبر أراض خاضعة لسيطرة الحوثيين.

- قال نائب وزير التربية والتعليم في حكومة الحوثيين سابقًا عبد الله الحامدي: «منذ وصول الحوثيين إلى السُلطة، كان النهب واسع النطاق» وهذا هو السبب في أنَّ الفقراء لا يحصلون على شيء. ما يصل إلى الناس حقًّا هو القليل جدًّا». وأكد أنَّهُ «في كُلّ شهر في صنعاء، تم تحويل ما لا يقل عن 15000 سلة غذائية، كان من المفترض أن تُوفِّرها وزارة التعليم للأسر الجائعة، إلى السوق السوداء أو تُستخدم لإطعام مقاتلي الحوثيين الذين يخدمون في الخطوط الأمامية»، كما يتم تخزين وتوزيع نصف سلال الغذاء التي يُوفِّرها برنامج الغذاء العالمي للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، من قبل الوزارة التي يرأسها شقيق زعيم جماعة الحوثي (يحيى بدر الدين الحوثي).

- أكدت شهادات مختلفة لعاملين في المجال الإغاثي بأنَّهُم على علم أنَّ الحوثيين يُحوِّلون المساعدات لكنَّهُم لا يستطيعون الحديث خوفًا من قيام الحوثيين بعرقلة برنامج المساعدات ورفض إعطائهم تأشيرات دخول لمناطق الحوثيين.

- قال الصحفي في صحيفة الثورة الخاضعة لسيطرة الحوثيين معين النجري لوكالة أسوشييتد برس، إنَّ الصحيفة علمت بأنَّ المئات من موظفيها مدرجون في قائمة على أنَّهُم يحصلون على سلال غذائية لأكثر من عام، لكنه لم يحصل على شيء.

- قال مسؤول كبير في الأمم المتحدة، بأنَّ هناك كميات كبيرة من المساعدات التي تكفي لمواجهة أزمة الجوع في اليمن، إلَّا أنَّ كثيرا منها سُرق و«إذا لم يكُنْ هناك فساد، فلا مجاعة».

- يتم تسجيل المواطنين من أجل الحصول على مساعدات، لكن لا يتم تسليمها لهُم.

- يحافظ الحوثيون على سيطرة صارمة على كمية الطعام التي تذهب إلى أيَّة مناطق ومَن يحصل عليها، ويتلاعبون بالقوائم الرسمية للمستفيدين من خلال إعطاء معاملة تفضيلية لمناصري الحوثيين وعائلاتهم، بحسب عمال ومسؤولين إغاثة.

أكد خمسة من عمال الإغاثة لوكالة الأسوشييتد برس أنَّهُم يعتقدون بأنَّ الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى قد أجبرت على التضحية باستقلالها من أجل الحفاظ على الوصول إلى المناطق المختلفة لتقديم المساعدة لأكبر عدد ممكن من الناس.

- أكد مسؤول إغاثة كبير للوكالة بأنَّ الحوثيين «يُهدِّدون صُنَّاع القرار والموظفين الدوليين من خلال التصاريح وتجديد التأشيرات». «أولئك الذين لا يمتثلون سوف يتم رفض تأشيراتهم»، كما أنَّهُ «اكتشف أنَّ موظفيه كانوا يطلعون الحوثيين على محتويات محادثاته ورسائله الإلكترونية، وعندما اشتكى من التجسُّس، سحب المتمردون تأشيرته وأجبروه على مغادرة البلاد».

بعد أكثر من عام، أصدرت نفس الوكالة تحقيقًا استقصائيًّا سلطت فيه الضوء على أبرز ممارسات الحوثيين التي يتم من خلالها نهب وإعاقة وصول المساعدات. ركز التحقيق المطول والذي نُشر بعنوان «المتمردون الحوثيون في اليمن يعرقلون تدفق المساعدات الأممية ويطالبون بجزء منها»، على ممارسات الحوثيين كونهم يمارسون عملية سرقة المساعدات بشكل ممنهج، مُستنِدًا على وثائق وشهادات مسؤولين دوليين. وسأورد أهم ما جاء في هذا التحقيق الهام على شكل نقاط:

- بحسب وثائق حصلت عليها الوكالة الدولية، أعاق الحوثيون برامج إيصال المساعدات التي تُقدِّمها الأمم المتحدة في اليمن بهدف إجبار المؤسسات الدولية على منحهم سُلطة أكبر على المساعدات الضخمة واستقطاع قَدْر أكبر من أموال المساعدات الخارجية.

- وضعت جماعة الحوثي شروطًا منها ما يعطيها حصة أكبر من المساعدات مقابل منحها تراخيص الوصول إلى المناطق التي يحتاج سكانها إلى الإغاثة.

- بحسب شهادة مسؤول كبير في الأمم المتحدة، فإنَّ الحوثيين أعاقوا العديد من البرامج التي تُغذِّي السكان الذين يعانون من الجوع وتساعد أولئك الذين نزحوا بسبب الحرب الأهلية، وقُدِّر عدد المتضررين بأكثر من مليوني مستفيد.

- أظهرت الوثائق أنَّ الحوثيين يرفضون الرقابة على نحو 370 مليون دولار سنويًّا تمنحها المنظمات للمؤسسات الحكومية الخاضعة لسيطرتهم. وأنَّ هذه الأموال كان يجب أن تُدفع كرواتب وتكاليف إدارية أخرى.

- أرسلت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لليمن، ليزا غراندي، رسالة إلى رئيس الوزراء المُعَيَّن من قِبَل الحوثيين تشكو من قائمة طويلة من المطالب يتم وضعها على المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن والتي تتسبَّب في عرقلة أو تأخير المساعدات وتنتهك المبادئ الإنسانية.

- طالب الحوثيون بقطع 2٪ من ميزانية المساعدات بالكامل لهُم، وهو شرط رفضته الأمم المتحدة والمانحون. وقد عَلَّق متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بأنَّ محاولات الحوثيين «لفرض ضريبة على المساعدة الإنسانية غير مقبولة وتتعارض بشكل مباشر مع المبادئ الإنسانية الدولية».

- قال مسؤول في الأمم المتحدة بأنَّ ممارسات الحوثيين ستتسبب في تقليص المساعدات، وأضاف: «من المؤسف أنَّ الناس سيعانون من تقليص حجم المساعدات لكن لا يمكن للحوثيين استخدام الناس كرهائن لفترة طويلة».

- قال مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مارك جرين لـ«أسوشيتد برس»: نريد مساعدة الشعب اليمني الذي طالت معاناته، لكنْ «الحوثيون يضعون قيودًا تجعل من الصعب القيام بذلك».

- مطالب الحوثيين أثارت وكالات الإغاثة بشأن تحويل الأموال والإمدادات الإنسانية إلى جيوبهم أو مؤيديهم أو تجاه أنشطتهم الحربية.

- قال عمال الإغاثة في اليمن بأنَّ التنازلات التي قدَّمتها المنظمات والوكالات الدولية للحوثيين، شجعتهم على الضغط من أجل طلب المزيد من التنازلات.

- حجب الحوثيون تأشيرات وتصاريح المعدات والإمدادات الخاصة بالمنظمات الإغاثية ورفضوا منح تصاريح لبعثات الأمم المتحدة للتنقل.

- قال مسؤول آخر في الأمم المتحدة إنَّ ما يقرب من 300 ألف من الأمهات الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة في اليمن لم يتلقوا مُكمِّلات غذائية لأكثر من ستة أشهر، لأنَّ الحوثيين «احتجزوا المستفيدين كرهائن ليفرضوا نسبة 2٪».

- برَّر قاسم حسين الحوثي وهو رئيس قسم المنظمات الدولية في المجلس السياسي الحوثي، مطالبهم بفرض ضريبة على المساعدات بنسبة 2% بالقول «إنَّ هذه الأموال ضرورية لتغطية نفقات تشغيلية لـ (سكامشا)».

- أكد العاملون في المجال الإغاثي في اليمن أنَّ عمليات المضايقات والترهيب واختلاس الأموال من قبل الحوثيين مُستمِرَّة منذ سنوات، لكنَّها تفاقمت منذ أنْ أنشأ الحوثيون وكالة تنسيق المساعدة الخاصة بهم في أوائل عام 2018م (يقصدون نمشا وسكامشا)، ومنذ ذلك الحين، اعتقلت الأجهزة الأمنية التي يقودها الحوثيون الموظفين المحليين، ومنعت بعثات الإغاثة أو أوقفت الإمدادات، و«لا يمكن تنفيذ حتى مشروع بسيط في شمال اليمن دون موافقة وإشراف هذه الهيئة».

- تضع وكالات الأمم المتحدة مئات الملايين من الدولارات في حسابات الحوثيين من أجل «بناء القدرات»، وقد أعرب موظفو الإغاثة بشكل خاص عن مخاوفهم بشأن تحويل الأموال من وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إلى خزائن قادة الحوثيين أو مؤيديهم.

- تُظهر البيانات أن بعض المسؤولين في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكامشا) الحوثية، يتلقون رواتب متعددة. من بينها، دفعت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة رواتب لرئيس الهيئة ونائبه والمديرين العامين. وقد أظهرت البيانات أنَّ كُلّ مسؤول تلقى ما مجموعه 10000 دولار شهريًّا من الوكالات الأممية.

- منحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مليون دولار كُلَّ ثلاثة أشهر لإيجار المكاتب والتكاليف الإدارية الخاصة بـ السكامشا، في حين منحت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة للمكتب 200 ألف دولار أخرى للأثاث والألياف البصرية.

- علَّق برنامج الأغذية العالمي عملية توزيع المساعدات لمُدَّة شهرين في بعض مناطق حول صنعاء، وطالب التسجيل البايومتري (البصمة) للمستفيدين، لضمان وصول هذه المساعدات للمستحقين. وقد وافق الحوثيون في البداية، لكنَّهُم رفضوا لاحقًا متابعة عملية التسجيل بالبصمة.

- عندما قرَّرت اليونيسف إعادة تقييم الشركاء الذين تعمل معهم (المنظمات المحلية الوسطية التي تم إنشاء أغلبها بعد سيطرة الحوثيين) بما فيهم الشركاء الحكوميين، وخفض الأموال المُسلَّمة للحوثيين وقرَّرت بأنَّها ستدفع للمُورِّدين والمقاولين بشكل مباشر، قام الحوثيون بتنفيذ حملة إعلامية تُحرِّض ضد المنظمة الدولية واتهمتها بالفساد وإهدار الأموال.

- قال أحد المسؤولين بأنَّ بيئة عمل المنظمات الإغاثية صعبة بالفعل بسبب الحوثيين، «أصبحت خانقة للغاية بالتهديدات والتوجيهات».

- فرضت قيادة السكامشا الحوثية أكثر من 200 توجيه جديد على الوكالات الإنسانية. من ضِمْن هذه التوجيهات مطالبة الوكالات الدولية بالكشف عن هويات متلقي المساعدات وإشراك الحوثيين في تقييم الاحتياجات، وهذا ما سيمنحهم سُلطة أكبر لتوجيه المساعدات إلى مؤيديهم.

- عدد من مطالب الحوثيين تهدف إلى الرقابة والترهيب، مثل إصدار أوامر للموظفين اليمنيين المحليين بالحصول على إذن من الحوثيين لحضور دورات تدريبية للأمم المتحدة في الخارج ثم الإبلاغ عن محتوى ورش العمل هذه.

- طالب الحوثيون باتفاق جديد يمنحهم يدًا في إسناد عقود الأمم المتحدة مع المُورِّدين، واختيار شركاء محليين لتنفيذ البرامج، كما يمنحهم الحق في فرز موظفي الأمم المتحدة في اليمن، وتَولِّي ميزانية برامج المراقبة.

- يفرض الحوثيون على الأمم المتحدة العمل مع المنظمات غير الحكومية التي يُفضِّلونها، ومنها منظمة تُعرف باسم بنيان والتي كان شقيق زعيم الجماعة إبراهيم الحوثي عضوًا في مجلس إدارتها. وقد منع الحوثيون وكالات الأمم المتحدة من إيصال المواد الغذائية للمستهدفين في محافظة الحديدة واشترطوا التعامل مع مؤسسة بنيان لتوزيع هذه المساعدات.

في أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2018م، بثَّت وسائل إعلام دولية مختلفة مشاهد لمواطنين يمنيين في المناطق التهامية التابعة لمحافظة حجة غربي اليمن، وتحديدًا في مديرية أسلم، وهُم يأكلون أوراق الشجر من شِدَّة الجوع والفقر. كانت المشاهد صادمة لكثير داخل اليمن وخارجه. وبعد حوالي عام، جاء تقرير وكالة «أسوشيتد برس» ليكشف عن الأسباب الرئيسة التي جعلت أهالي تلك المديرية يصلون لتلك المرحلة.

حيث أكدت الوكالة في التقرير المشار إليه أعلاه، أنَّ الحوثيين امتنعوا –ولشهور- عن تقديم الإذن للمنظمات الدولية بتوزيع 2000 طن من الطعام (وهو ما يكفي لإطعام 160 ألف شخص) في مديرية أسلم التي اضطر سكانها لأكل أوراق الشجر المسلوقة بسبب الجوع، وأنَّ الموافقة على توزيع المواد الغذائية جاءت بعدما فسدت المساعدات.

كما نشرت شبكة CNN الإخبارية تحقيقًا عن سرقة المساعدات الغذائية من قِبَل الحوثيين، وكان أبرز ما فيه:

- أوضح برنامج الأغذية العالمي بأنَّ قوائم توزيع المساعدات شملت بصمات أصابع يفترض أنَّها لأشخاص استلموا المساعدات، لكن حوالي 60 بالمائة من المستفيدين الذين يبلغ عددهم بالآلاف في سبع مناطق في العاصمة لم يتلقوا أيَّة مساعدات، وهذا يعني وقوع اختلاس واحتيال.

- إلى جانب السجلات المُزيَّفة، يوجد أشخاص غير مُصرَّح لهُم حصلوا على الغذاء، كما تُباع لوازم أخرى في أسواق المدينة.

- تقول أميرة صالح (إحدى الشاهدات) إنَّها وجدت اسمها مدرجًا ضِمْن قائمة المستفيدين من المساعدات، لكنَّها أخبرت شبكة CNN أنَّها وأسرتها المؤلفة من 10 أفراد تلقوا آخر معونة لهُم قبل سِتَّة أشهر. كما عثرت على سجلات تشير إلى أنَّها استلمت 110،000 ريـال يمني (حوالي 440 دولارًا في تلك الفترة) من مؤسسة خيرية أخرى، لكنَّها في الأصل لم تتلقَ شيئًا.

- وِفْق وثائق اطلعت عليها شبكة CNN متعلقة بالمساعدات في حوالي 33 منطقة يمنية، توجد فجوة واسعة بين كمية المساعدات التي تم تسليمها رسميًّا وبين أثرها على الأرض.

- الحوثيون عاقبوا المنظمات الدولية والأممية لمُجرَّد أنَّها طالبت بمراقبة عملية تسليم المساعدات للتأكد من وصولها لمن يستحقونها. حيث فرضوا عليها مزيدًا من القيود والتأخير في التأشيرات أو رفض إصدارها.

تقرير هام آخر سَلَّط الضوء على نهب المساعدات من قِبَل الحوثيين، لكن هذه المَرَّة صادر عن شبكة الجزيرة الإخبارية، وقد أشار إلى التالي:

- بحسب مصدر رفيع في منظمة دولية، يشترط الحوثيون على المنظمات الإغاثية العمل في مناطق سيطرتها عَبْرَ منظمات محلية شريكة، وهذه المنظمات الشريكة تنهب كُلّ المساعدات.

- المصدر نفسه أكد بأنَّ الحوثيين «يُقيّدون كُلَّ مسلحيهم وقاداتهم بأنَّهُم نازحون، من بينهم المسلحون الذين قَدِمُوا من المحافظات الشمالية للسيطرة على صنعاء، كما أنَّ مسلحيهم يُسجلون بأنَّهُم مُتضرِّرُون من الحرب».

- المصدر في المنظمة أوضح بأنَّ معظم المستفيدين من المساعدات الإغاثية هُم من الحوثيين، لكنَّهُم يبيعونها في الأسواق للتربُّح، و«هناك شحنات كاملة يتم نهبها وبيعها للتجار، الأمر الذي يُعزِّز من انهيار الوضع الإنساني، ويُوسِّع دائرة الجوع، لكنَّنا لا نملك القوة لمواجهة ذلك، رُبَّما يتسبب ذلك بحرمان الآلاف من المتضررين الحقيقيين».

- لأنَّ المنظمات تعتمد على المسؤولين المحليين الموالين للحوثيين، فإنَّ الأخيرين يدفعون بأسماء غير مُستحَقَّة على أنَّهُم متضررون من الحرب، مقابل أن تُقسَّم المساعدات بالنصف بين المسؤولين والمستفيدين.

- في محافظة ذمار سجَّل مسؤول محلي كُلَّ سكان قريته وبينهم تجار، وبعد أن وُزِّعت المساعدات كان النصف منها في فناء منزله يُحمَّل على شاحنات في طريقها للبيع.

من ضمن الشهادات الهامة التي وردت في تقرير موقع الجزيرة نت، ما أكدته إحدى النازحات حول ما يُردِّده اليمنيون عن البُعْد العِرْقي في ممارسات الحوثيين لا سِيَّما توزيع المساعدات والأعمال والأموال. يقول التقرير: «حاولت الأرملة والأم لسِتَّة أبناء (فاطمة موسى) الاستفسار من الموظف الذي يُقيِّد الأسماء في سجلات طويلة، قبل أن يصرخ في وجهها بلهجة حادة بأن تلتزم النظام، وبعد ساعات سُجِّل اسمها، وقِيل لها أن تنتظر اتصالًا. ظلت الأم تتفقَّد هاتفها مِرارًا، لكن لم يتصل أحد. قبل أيام، اتفقت مع امرأة من الحوثيين على أن تذهب بها الأخيرة إلى إحدى المنظمات، وحين وصلتا إلى هناك كانت الاثنتان تُقدِّمان اسميهما كونهما نازحتين، رغم أنَّ الأخيرة تسكن في صنعاء وزوجها ضابط في الداخلية.

ولكون لقب الأخيرة ينتهي بـ «الأهدل» -أي نفس العرق السلالي للحوثي- قُبلت على الفور. ولم يكد يمُرُّ أسبوع حتى استلمت أولى دفعات المساعدات شملت موادًا غذائية وإيوائية شاملة، تلتها دفعة أخرى في ظرف أسبوعين فقط.

تقول فاطمة موسى للجزيرة نت «لأنَّ لقبها الأهدل قدَّمُوا لها كُلَّ المساعدات ومبالغ مالية، بينما نحن النازحين الذين عانينا من الحرب لم يكترثوا لحالنا وقالوا إنَّ اسمنا سقط من الكشوفات لأنَّ بياناتنا ناقصة.. كنت أعتقد أنَّ هذه المرأة ستمنحنا المساعدات كونها لا تحتاج لها، لكنَّها باعتها».


‎#الحوثي_يقتل_الموظفين_الامميين ‎#HouthiskillUNstaff