آخر تحديث :الجمعة-14 مارس 2025-02:16ص

العقول الطائفية

الخميس - 13 مارس 2025 - الساعة 02:46 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


لست مع الانجرار للإجابة على أسئلة مثل: “أين كنت يوم حدث كذا؟” أو “لماذا لم نسمع صوتك عندما حدث كذا؟!” فهذه الاعتراضات التافهة لا تبدو إلا نتاج عقلية طائفية لا تتوقع التعاطف إلا من داخل الطائفة وللطائفة وحدها.


إضافة إلى أن من يلقون هذه الاتهامات ليسوا مطلعين على مواقفنا السابقة ولا على تفاعلنا مع الأحداث. وحده يقينهم الطائفي يجعلهم يظنون أننا لم نتعاطف مع طائفتهم لأننا من خارجها.


لنلاحظ فقط أن الانجرار إلى مثل هذا النقاش سيحول الحوار إلى هزليات منحطة. فكل جريمة تسبقها جريمة، والجريمة السابقة قد تُستخدم لقمع أي إدانة للجريمة الحالية. فكما يُراد إسكات أي حديث عن جرائم اليوم بشعار: “أين كنتم أيام البراميل؟”، يمكن إسكات هذا بشعار: “أين كنتم أيام مجزرة الأقصى أو صبرا وشاتيلا أو حلبجة؟”… وسيواجه أي متضامن مع ضحايا سنة بمقولة: “أين كنت أيام إبادة الشيعة؟”، والعكس صحيح، في دوامة عبثية لا تنتهي، وكأننا في مستشفى للمجانين المفتوح!


المهزلة، بالطبع، تكمن في أنه لا يمكن إدانة أي شخص لمجرد أنه “لم يفعل” أو لم يُدِن. شهادة النفي لا قيمة لها، فلا يمكنك الادعاء بأن شخصًا لم يتحدث فقط لأنك لم تكن حاضرًا حينها، أو أنه لم يكتب لأنه لم يصل إليك منشوره. الإدانة يجب أن تعتمد شهود الإثبات، لا النفي، وتتوجه إلى أولئك الذين برروا الإبادة وحرضوا عليها طائفيًا بالصوت والصورة.


أي موقف يحاول وضعك زورًا في خانة الدفاع يجب أن تدوس عليه وتمضي، فالمتهم هو من يبرر الجريمة أو يحاول كتم الأصوات التي تفضحها، أما من يتعاطف مع الضحايا فليس بحاجة إلى شهادة مصداقية من أرباب الهوس الطائفي.


العقول الطائفية لا تستحق غير احتقارنا، أما جهودنا، فالوقوف مع القضايا العادلة أحق بها.