ما أن أكمل سريع كلمته الخاصة بعودة عمليات جماعته في البحر الأحمر، حتى شنت الطائرات الإمريكية غارات مدمرة على رادارات الكثيب بالحديدة ، في رسالة نارية شديدة اللهجة سيقرأ الحوثي تفاصيلها جيداً، ولن يعيد مغامراته السابقة ، بعد أن أثخنت الصواريخ متعددة الجنسيات جسده العسكري ،وجعلته يصلِّي من أجل وقف إطلاق النار في غزة.
مايميز بيان الناطق العسكري بإسم الحوثي يوم أمس عن سابق إعلاناته ، حصر الاستهداف بالسفن الإسرائيلية ولم يقل جميع الذاهبة لتل أبيب ،ما يعني أن لا هجمات في البحر الأحمر الخالية من خطوط الملاحة الإسرائيلية وسفن الكيان.
ومع ذلك تحسباً للأسوأ من وجهة نظر المستوى العسكري، أعلنت إسرائيل حالة من التأهب ،ووضعت لها بعد تحديثها العديد من الأهداف العسكرية والميدانية والمنشآت ذات الصلة بتمويل المجهود الحربي، وربما تصفيةالصف القيادي الأول.
من دون أدنى شك الحوثي بعد أن تأمل حجم الفواتير التي سددها في الجولة السابقة، لن يعيد الكرة بزخم مماثل ، مكتفياً بحصد نقاط إعلامية تصب في صالح التحشيد والتعبئة، عنوانها غزة وجوهرها الدفع بجحافله نحو المناطق التي لم تسقط بعد.
إسرائيل إضافة لمنع إدخال الدواء والغذاء ، قطعت يوم أمس الكهرباء على كل غزة ، وتمعن في حرب إبادة ممنهجة في الضفة ، كما تستمر بإلتقاط الرؤوس القيادية العسكرية لحزب الله آخرهم قائد المنظومة الجوية ، ومع ذلك يتبِّع الحوثي سياسة ضبط النفس الدالة على ضعف حقيقي، إلا من جعجعة الكلام وخطابات الخشب.
إعلانه بالعودة لسابق عدوانيته في البحر الأحمر والعرب وباب المندب وخليج عدن حتى وإن كانت شكلية ، يعيد تذكير الإقليم والعالم بأن هناك في هذه الرقعة دولة مختطفة ، وخطر كامن يهدد مصالح الدول ، وإن تبريد المواجهة معه لايوفر للدول المطلة والإقتصاد الدولي أمناً مستدام.
مصر فتحت هذا الإسبوع قنوات التواصل مع كبريات شركات الشحن لإعادة جدولة رحلاتها عبر البحر الأحمر ، ويأتي إعلان ناطق الحوثي ليوجه ضربة مميتة للإقتصاد المصري ،ويجعل شريانه الحيوي قناة السويس في وضع خارج الخدمة ، مايعني إن مصر شأنها شأن الدول الإقليمية المشاطئة للممرات التجارية ،لن تصمت وستدافع عن مصالحها بالشراكة مع جهد دولي يتشكل، بالموازاة مع الضغط على إيران إقتصادياً وعسكرياً .
سيعاود الكيان الحرب على غزة ما أن يستعيد كل رهائنه ، وكجزء من مخططات الحرب سيتم وضع الحوثي في ذات السياق ، وربما يمهد تحييد قدراته العسكرية ،لضرب إيران بلا تداعيات جانبية ،والذهاب بالمنطقة نحو خارطة جديدة وشرق أوسط جديد.
الحوثي يمضي في مطلق الأحوال على خط دقيق يقود من جهتيه إلى الجحيم، ويبقى الخيار الهروب نحو معارك الداخل.