آخر تحديث :السبت-22 مارس 2025-06:49ص

تقييم اولي للحملة الامريكية في اليمن

السبت - 22 مارس 2025 - الساعة 04:45 ص

حسام ردمان
بقلم: حسام ردمان
- ارشيف الكاتب


صمم الرئيس الامريكي استجابته العسكرية تجاه الساحة اليمنية، بحيث تكون اكثر حزما من سياسة "الاحتواء الدفاعي/بايدن" ، وبحيث تكون اقل اندفاعا من حقبة "الحروب الوقائية/ بوش الابن".


لقد اعتمد ترامب اسلوب "الردع الهجومي" الذي يوظف القوة الصلبة (الهجمات) والناعمة (العقوبات) ، بصوره استباقية ومركزة ؛ لاجبار الخصم على تغيير سلوكه ، دون الحاجه الى معركة صفرية بهدف انهاء وجوده.


و غاية الهجوم الامريكي هو تقويض قدرات الحوثيين (سواء باعتبارهم تنظيم مسلح او سلطة حاكمة او حركة سياسية). وقد افصحت حصيلة الغارات الجوية خلال الأيام الماضية عن بنك الاهداف العملياتي ، والذي يمكن اجماله في ثلاثة انماط:


1- اضعاف البنية التحتية العسكرية بسلسلة غارات دقيقة توزعت على نطاق جغرافي واسع؛ حيث تم استهداف مخازن للسلاح، ومواقع للقيادة والسيطرة، ومقرات تدريب و تحشييد، ومنظومة اتصالات عسكرية، ولوجستيات عسكرية ومراكز تصنيع حربي.


2- تهديد البنية التحتية المدنية المستخدمة في تمويل سلطتهم السياسية و ومجهودهم الحربي ، وقد بعثت واشنطن برسائل تحذيرية من خلال استهدافها لشركة النفط في صنعاء، ومحطة كهرباء في صعدة، كما أن الحديث الأمريكي عن استخدام عدد من المصانع ومخازن الأمم المتحدة وميناء الحديدة لأغراض عسكرية –وهو حديث دقيق بالمناسبة- قد يكون مقدمة لعمل أوسع.


3- التلويح بتصفية القيادات؛ وهو ما تجلى من خلال ضربات نوعية استهدفت حي الجراف بصنعاء ، وعدد من منازل القيادات في صعدة . وهذه العمليات هي بمثابة رسالة تحذيرية عن جدية ترامب في اعتماد سياسة قطع الرؤوس.


ومن المتوقع ان تعمل واشنطن خلال الفترة القادمة على تفعيل بنك اهدافها بوتيرة تصاعدية (كما وكيفا) ؛ بناء على طبيعة السلوك الحوثي المضاد.


و في المحصلة يطمح ترامب الى الضغط لانتزاع صفقة من ايران و فرض الردع على الحوثي.. وفي حال تعذر ذلك فانه يطمح الى محاكاة نموذج حزب الله بالاستناد الى القوة الجوية والاستخبارتية ، وهو نموذج ممكن التحقق نظريا الا ان مصاعبه العملية عديدة في اليمن.


وسوف تقود هذه المصاعب الى طرح سوال مزعج: ماذا لو استنفدت واشنطن بنك اهدافها (بسبب شحة المعلومات او وعورة الطبيعة او مرونة المليشيات) ، دون ان تردع سلوك الحوثين ، ودون ان تلين موقف ايران؟


حينها سيكون الصراع في اليمن قد بلغ فعلا نقطته الحرجة ؛ و على الاغلب لن يكون ترامب متحمسا لمواصلة العمليات طويلا مالم تثبت جدواها بتحقيق الاهداف. كما انه لن يميل بسهولة الى احتواء الحوثيين سياسيا (على غرار السعودية) والظهور كرئيس ضعيف تسهل هزيمته و ابتزازه.


و في حال وجد الرئيس الامريكي نفسه على شفا دوامة استنزافية في اليمن، فان ذلك قد يدفعه للذهاب خطوتان الى الامام ، عوضا عن العودة خطوة واحدة للوراء .

وبعبارة ادق سيواصل ترامب سياسة الضغط الاقصى بضراوة اكبر ؛ اما عبر استهداف الأصول الجيوسياسية الإيرانية في اليمن وفي عموم المنطقة .

او بالانفتاح على دعم مناورة برية في اليمن دون تدخل امريكي مباشر و عبر توفير دعم تسليحي وغطاء جوي للقوات العسكرية التابعة لمجلس القيادة الرئاسي اليمني وتحديداً في منطقة الحديدة والساحل الغربي.


تفعيل الخطوة الأولى مرهون بمدى تدهور علاقة ترامب مع ايران ، اما تفعيل الخطوة الثانية فمرهون بمدى تطور التنسيق بين ترامب وبين السعودية والامارات.


ويبدو ان جماعة الحوثي تتجنب دفع ترامب سريعا الى خيارات اشد قساوة ؛ لذا فقد اكتفت - حتى الان- بالرد من خلال استهداف الأصول العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر بالاضافة الى عملياتها في العمق الإسرائيلي. و هذه العمليات لا تُحدِث أثراً استراتيجياً- بل انها تفتقد في احيان كثيرة الى الجدوى التكتيكية.


من صفحة الكاتب على موقع فيس بوك