آخر تحديث :الإثنين-27 يناير 2025-12:49ص
اخبار وتقارير

تحركات دولية للقضاء على تهديدات الحوثي والبنوك التجارية بصنعاء تعتزم تحرير نفسها

تحركات دولية للقضاء على تهديدات الحوثي والبنوك التجارية بصنعاء تعتزم تحرير نفسها
الأحد - 26 يناير 2025 - 01:38 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - عدن

افتتحت الإدارة الأمريكية الجديدة ولايتها الرئاسية باتخاذ سياسات أكثر صرامة تجاه ميليشيا الحوثي، تقوّض مواردها الاقتصادية، في سياق الجهود الرامية إلى إنهاء تهديدات الحوثيين للمصالح الإقليمية والدولية

وأصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، أمرا تنفيذيا بتصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"، على نحو عاجل وطارئ.

ويتجاوز القرار التعقيدات المطوّلة التي تتطلبها الإجراءات التشريعية في الكونغرس، الذي بدأ فعليا قبل أسبوع خطواته الأولية بعد أن قدم 15 عضوا مشروع قانون "لتفكيك وكيل إيران في اليمن"، طبقا لموقع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

ويهدف القرار الأمريكي إلى "القضاء على قدرات الحوثيين، وحرمانهم من مواردهم، وإنهاء هجماتهم على الأفراد والمدنيين الأمريكيين، وشركاء الولايات المتحدة، وعلى الشحن البحري في البحر الأحمر".

ويرى مراقبون وخبراء يمنيون أن التصنيف الأمريكي "وفق نص القرار المتشدد للغاية"، يحشد ويعاقب كل من تربطه علاقة مع ميليشيا الحوثي، بما في ذلك قطع تمويل واشنطن عن أي منظمات أو جهات تدفع أموالا للحوثيين والجهات الحكومية الخاضعة لسيطرتهم، أو التي لا تقوم بالتوثيق الكافي لانتهاكاتهم.

تداعيات اقتصادية واسعة

يعتقد رئيس "مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، أن أمر ترامب التنفيذي هو الأكثر صرامة بين الإجراءات الأمريكية السابقة، وتترتب عليه تداعيات كبيرة على الحوثيين، وكذلك على النشاط الاقتصادي في مناطق سيطرتهم بشكل عام.

وقال نصر، إن قرار التصنيف أشار بوضوح إلى أهمية محاربة كل الأموال التي لها علاقة بالحوثيين وتقع تحت تأثيرهم، "وذلك سيؤدي إلى دخول كثير من القطاعات الاقتصادية تحت مخاطر التصنيف والعقوبات".

وفي ما يتعلق بالتأثير في الموارد الخاصة بالحوثيين أنفسهم، يرى نصر أنه سيكون "نسبيا وغير واسع، إن ظل القرار عند هذا المستوى، لأن الحوثيين لا يستثمرون في دول عالمية، ولا ينتقلون كثيرا كأفراد في دول العالم".

وأشار إلى أنهم يديرون عملياتهم العسكرية والمالية "بطرق غير رسمية، رغم سيطرتهم على إمكانات الدولة ومؤسساتها، وكل الأنشطة الاقتصادية في مناطق سيطرتهم، لكن ذلك يبقى تحت واجهات متعددة، وهم يضحّون ببعض المؤسسات التي يستخدمونها لفترات مؤقتة، ثم يلجؤون إلى ابتكار بدائل أخرى".

وذكر أن النظرة الغربية للحوثيين تقوم على أنها جماعة إرهابية غير مرئية، تتمركز في الجبال، وأن ملاحقتها بمثل هذه العقوبات "هي في اعتقادي رؤية قاصرة، لأن الحوثيين سيطروا على موارد الدولة وثلثي اقتصاد البلد، وبدؤوا يسيّرون ويستفيدون من جزء كبير من إيرادات البلد ومقدراته، إلى جانب الدعم الخارجي الذي يتلقونه".

وبعد عام من الضربات الوقائية المحدودة على مواقع الحوثيين، لجأت الإدارة الأمريكية السابقة في أسابيعها الأخيرة إلى اتباع سياسة تجفيف منابع التمويل المالي لميليشيا الحوثي، عبر فرض عقوبات شملت "محافظ" البنك المركزي في صنعاء، وعدة كيانات وأفراد مرتبطين بعمليات تمويل الحوثيين.

وامتدت العقوبات لتشمل أحد البنوك التجارية في مناطق سيطرتهم، بالتزامن مع تحركات تهدف إلى زيادة توسيع صلاحيات الأمم المتحدة في اعتراض وتفتيش السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة لوقف وصول الأسلحة الإيرانية.

معالجة أخطاء الماضي

ويقول المحلل الاقتصادي، محمد الجماعي، إن جدوى قرار الإدارة الأمريكية الجديدة "مرهون بمدى نيتها لمعالجة أخطائها في الماضي، على ضوء المصالح المشتركة بينها وبين دول المنطقة، وفق قاعدة تبادل المصالح وتعاضد الجهود، لمواجهة الأخطاء التي تهدد شعوب العالم، بدلا من المشاركة في صنعها والاستفادة من خطرها لتهديد دول ومصالح الآخرين".

وبيّن الجماعي، أن التهديد الأمريكي أيا كانت قوة بأسه مرهون كذلك بمدى استعداد الحكومة اليمنية وجدّيتها في الاستفادة من هذا القرار وغيره، لصالح معركة تحرير اليمن من الانقلاب والانقسام والفوضى.

وأشار إلى أنه بات من الممكن الآن "العودة إلى تنفيذ قرارات البنك المركزي اليمني في عدن، بكل سهولة ويسر، ودون ضغوط دولية، كما يمكن الاستفادة من التقارب مع الأمريكيين بشأن استئناف تصدير النفط، وإيقاف تهديدات الحوثي إزاء السفن والموانئ النفطية المحلية".

وبحسب الجماعي، فإن أهم خطوة "هي حشد الجهود لإيقاف ميناء الحديدة، الشريان الاقتصادي الأهم لمشروع الحوثيين، الذي يُستخدم في تمويل مجهوداتهم الحربية ليس على اليمن فقط، بل على العالم".

ووجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، الخميس الماضي، تعليمات للحكومة ومؤسساتها للتعاون مع البنك المركزي اليمني والمجتمع الدولي بشأن الإجراءات المترتبة على قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، "لتجفيف مصادر التمويل ومنع وصولهم إلى الموارد المزعزعة للأمن المحلي والاستقرار الإقليمي والدولي"، طبقا لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ".

تقييد التدفق المالي

ويرى الباحث في الشؤون الاقتصادية، وحيد الفودعي، أن التوجيهات الرئاسية تُفهم على أنها خطوة لضمان تنفيذ قرارات التجميد المترتبة على التصنيف الأمريكي، ومواكبة تبعاته وتأثيراته الجانبية في المواطنين واستقرار الاقتصاد في المناطق المحررة.

وقال إن التركيز الحكومي سيكون على تنفيذ هذه الإجراءات بشكل صارم، خاصة في ما يتعلق بتجميد الحسابات المرتبطة بالميليشيا، ومنع وصول الأموال القادمة من مصادر خارجية عبر النظام المصرفي الرسمي أو غير الرسمي.

وذكر الفودعي أن التداعيات قد تكون كبيرة على الحوثيين؛ "إذ سيؤدي ذلك إلى تقييد تدفق الأموال التي يعتمدون عليها بشكل كبير، سواء من شبكات التمويل الداخلية أو الخارجية، كما قد يدفع إلى إعادة هيكلة السوق المالية في مناطق سيطرتهم، وهو الأمر الذي قد يضعف قدرتهم على استغلال الأنشطة الاقتصادية".

واستبعد عودة البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا إلى قراراته السابقة التي أوقف بموجبها البنوك التجارية في مناطق الحوثيين بشكل مباشر، قبل التراجع عنها إثر ضغوط أممية.

ورجّح اتخاذ هذه البنوك "خطوات لتحرير نفسها من سيطرة الحوثيين، فقد تسعى إلى نقل أنشطتها وعملياتها إلى مناطق الشرعية؛ تفاديا للعقوبات الأمريكية المرتبطة بالتصنيف الجديد".

وأكد أن "هذا التحرك – إن حدث – سيخلق ضغوطا إضافية على الحوثيين، من خلال الحدّ من قدرتهم على الوصول إلى الخدمات المصرفية والتمويل الرسمي، ما سيزيد عزلة شبكاتهم الاقتصادية ويقيّد مواردهم المالية".