أظهرت بيانات حديثة وزعتها الأمم المتحدة أن 3 في المائة فقط من السكان بمناطق سيطرة المليشيات الحوثية يحصلون على رواتب، فيما يعيش 54 في المائة منهم على العمالة المؤقتة، كما حذرت من زيادة في أسعار الدقيق مع حلول شهر رمضان المبارك؛ نتيجة قرار الجماعة منع استيراده، وعدم كفاءة الموانئ التي تقع تحت سيطرتها نتيجة الضربات الإسرائيلية.
ووفق تقرير من «منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)»، فإنه، وعلى الرغم من «ضوابط الأسعار بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن متوسط تكلفة سلة الغذاء الدنيا كان أعلى قليلاً، كما أن لدى السكان قدرة شرائية أقل، مقارنة بأولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية».
ويشير التقرير إلى اختلاف مصادر الدخل بشكل كبير؛ «إذ يعتمد 35 في المائة من السكان بمناطق الحكومة على الرواتب (رغم أنها متقطعة)، بينما في مناطق الحوثيين يعتمد 54 في المائة من السكان على العمالة المؤقتة، و18 في المائة على المساعدات الغذائية، مع اعتماد 3 في المائة فقط على الرواتب بسبب وقف صرفها لموظفي الخدمة المدنية منذ أعوام عدة».
ونبهت المنظمة الأممية إلى أن قرار الجماعة حظر استيراد دقيق القمح، إلى جانب ذروة الطلب في رمضان، «قد يؤديان إلى زيادة تكاليف سلة الغذاء الدنيا بشكل كبير في الأشهر المقبلة، إلى جانب موسم الجفاف».
وقالت إن «معدلات أجور العمالة المؤقتة شهدت زيادات طفيفة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وانخفاضاً في مناطق الحوثيين، مما يعكس الحد الأدنى من الطلب على العمالة بعد الحصاد».
وعلى أساس سنوي، يبين التقرير ارتفاع الأجور بنسبة 6 في المائة بمناطق سيطرة الحكومة، وانخفاضها في مناطق سيطرة الحوثيين، وذكر أن الأجور في مناطق الحكومة أعلى بنسبة 21 في المائة من متوسط 3 سنوات، وأن الأجور في مناطق الحوثيين أعلى من المتوسط، «إلا إن العمال في كلتا المنطقتين يكافحون من أجل تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية بسبب ارتفاع أسعارها بنسبة 38 في المائة».
الموانئ والغذاء
ويؤكد التقرير الأممي تأثر أداء وكفاءة الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين (الحديدة والصليف ورأس عيسى) نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول) الماضيين؛ «مما أدى إلى انخفاض قدرتها، حيث يُستخدم التفريغ اليدوي، مما يؤثر على أحجام الواردات».
وعلى العكس من ذلك، شهدت الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية زيادة بنسبة 276 في المائة بواردات المواد الغذائية مقارنة ببداية العام الماضي، وهي زيادة بنسبة 246 في المائة مقارنة بشهر ديسمبر الماضي. ومع ذلك، فقد «انخفضت واردات الوقود إلى هذه الموانئ بشكل كبير، بنسبتَي 32 و59 في المائة على التوالي مقارنة بالفترة ذاتها».
ونبهت المنظمة إلى أن زيادة أسعار الوقود تؤدي عادةً إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية؛ بسبب زيادة تكاليف النقل، وأنه «باستثناء زيت عباد الشمس (زاد بنسبة 3 في المائة) والفاصوليا المستوردة (زادت بنسبة 8 في المائة)، ظلت الحبوب الأساسية وغيرها من المواد الغذائية (الأرز البسمتي ودقيق القمح) مستقرة نسبياً من شهر لآخر في جميع أنحاء البلاد».
وبالمقارنة مع العام الماضي، زادت أسعار المواد الغذائية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة (بما بين 6 و27 في المائة) بسبب انخفاض قيمة العملة وزيادة تكاليف الوقود. وعزت المنظمة الأممية انخفاض العملة في مناطق الحكومة اليمنية إلى حد كبير إلى الانخفاض الحاد في صادرات النفط والغاز؛ بسبب منع الحوثيين لها؛ مما أدى إلى خسائر كبيرة في النقد الأجنبي.
كما تظهر بيانات واردات الغذاء والوقود أن فاتورة استيراد القمح والدقيق السنوية في اليمن تبلغ 700 مليون دولار، وفي بداية العام الحالي، شهدت كميات غالبية المواد الغذائية والوقود المستوردة انخفاضاً حاداً مقارنة بالعام السابق، باستثناء الديزل (بزيادة 50 في المائة) وحبوب القمح (بزيادة 10 في المائة). وانخفضت واردات السكر أكثر من غيرها (82 في المائة)، يليها البنزين (30 في المائة)، وغاز الطهي (29 في المائة)، والأرز (25 في المائة).
التوقعات
نظراً إلى استمرار انهيار العملة وارتفاع أسعار الوقود في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، وحلول شهر رمضان، والأحداث الموسمية، وحظر استيراد الدقيق، توقعت المنظمة الأممية «فاو» أن ترتفع أسعار المواد الغذائية الأساسية (الدقيق والقمح وزيت الطهي والسكر) والمواشي وأجور العمالة بشكل أكبر، ورجحت أن يؤدي هذا إلى تقليل القدرة على تحمل تكاليف سلة الغذاء.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يصل إلى 17.1 مليون شخص (أكثر من 50 في المائة من سكان اليمن) واجهوا انعدام الأمن الغذائي مع حلول شهر فبراير (شباط) الحالي.
وذكرت التقديرات أن كبار المستوردين لديهم قدرة طحن كافية (12 ألفاً و250 طناً/ يوم)، ولهذا لا يُتوقع حدوث مخاطر أمنية غذائية متفاقمة على المدى القصير، ما لم يتسبب نقص الوقود بمناطق الحوثيين في تعطيل الطحن وزيادة تكاليف الدقيق؛ إذ سيكون من الضروري، وفق التقرير الأممي، «مراقبة أسعار القمح العالمية وواردات الحبوب وأداء الطحن وكفاءته».