آخر تحديث :الخميس-09 يناير 2025-07:38م

ميلاد الفاشية الاسلامية (الايديولوجيا الاسلامية)

الخميس - 09 يناير 2025 - الساعة 01:59 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


لعب الداعية الهندي/الباكستاني ابو الأعلى المودودي (1903-1979) دورا محوريا في تحويل الاسلام الى أيديولوجيا شمولية.

وما لا يدركه اغلبنا اليوم أنّ الافكار الشائعة حول الاسلام ( الاسلام نظام شامل للحياة، الحاكمية لله، تطبيق الشريعة كحل لكل المشاكل، ضرورة أقامة الدولة الاسلامية، الجاهلية المعاصرة) تعود الى كتاباته وأفكاره.


رغم رفضه العقائدي لها، لم يخفِ المودودي تشابه تصوره الفكري مع شكل الأنظمة الفاشية والشيوعية والنازية الني صعدت بين العشرينات والخمسينات من القرن الماضي. وكان يرى أن الاسلام أقرب في البنية الى هذه الأنظمة الشمولية وأبعد ما يكون عن الديمقراطية. وكان يرى أن الفارق بين النظام الاسلامي كما يراه وبين الفاشية أن الاسلام لا يؤله الحاكم ولا يجبر الفرد على مهنة معينة أو سلوك معين ما دام في إطار الشريعة!

كان يرى أن النظام الاسلامي نظام شمولي طغياني لانه يتحكم ويوجه كل مناحي الحياة. وأن الحكومة الاسلامية حكومة ثيوقراطية الحاكم فيها هو الله ، وهي ديمقراطية بمعنى واحد فقط هو حق المسلم في الاجتهاد!


من أغرب الأفكار التي طرحها المودودي أن الله هو الحاكم الفعلي للدولة وان الربوبية تعني التسليم المطلق لله بصفته السلطة السياسية الأعلى، ففي الدولة الإسلامية لا يوجد حاكم والخليفة ليس حاكما وانما وكيلا لله وسلطته السياسية.

على الأرجح أن هذه الفكرة الغريبة التي تضع الله على رأس السلطة كانت متأثرة بالموقع المقدس الذي احتلته شخصيات مثل ستالين وهتلر وموسوليني على رأس أنظمتها. وكل ما فعله المودودي هو أنه رفع الديكتاتور الى السماء بصفته "الرب". والرب عند المودودي ( كما وضح ذلك في كتاب المصطلحات الأربعة) هو الرئيس والحاكم.


أخذ المودودي مصطلح الحاكمية من كلمه sovereignty التي تستخدم في العلوم السياسية لوصف سيادة الدولة او السلطة العليا للدولة. وهذا هو الأصل الغريب لفكرة الحاكمية الإلهية. الله كحاكم مياشر للدولة.


أعاد المودودي صياغة الاسلام من جديد كإيديولوجية شمولية. فقام بإعادة تعريف "الدين" فالدين عنده ليس Religion فقط ولكنه نظام شامل للحياة اقتصادي وسياسي واجتماعي وعسكري وفكري.. الخ. والفكرة هذه حديثة ولم توجد أبدا في الادبيات الكلاسيكية للاسلام. واصبحت هذه الفكرة من المحفوظات لدى عامة المسلمين ومثقفيهم اليوم.


كما أنه أعاد تعريف معنى العبادة وقال انها ليست الالتزام بالتعاليم الدينية فقط بل هي العبودية الكاملة لله وتحويل كل حياته وأفعاله وتصرفاته إلى عبادة. فما دام الدين نظاما شموليا فحياة الإنسان يجب ان تتبع النظام الشامل. في هذا النظام تلعب الشريعة ور الكتالوج الكامل والحامل لكل الحلول! (مرة اخرى قام المودودي بنسخ البنية الشمولية للفاشية والشيوعية واعاد تركيب الاسلام بناء عليها.


بتنصيب الله حاكما رسميا للدولة الاسلامية ، وبتحويل الدين الى ايديولوجيا شمولية ونظام كامل للحياة، وبتحريك معنى العبادة من الالتزام الديني الى الانغماس الشامل في اتباع التعليمات التفصيلية للدين الشامل خلق المودودي اسس الفاشية الاسلامية.


تتطلب إعادة تفكبك مقولات الايديولوجيا الاسلامية (او الفاشية الاسلامية او الاسلام السياسي) الوعي ببدايات تشكل هذه المفاهيم وظروف اختراعها والانطلاق الى تأسيس علاقة اكثر انسانية وواقعية مع الإسلام كدين وعبادة وروحانية.