لا يمر يوم دون أن يتردد إلى مسامعنا أو تٌطالع أعيننا شعار "المواطنة المتساوية"، الذي يظهر ويختفي بين الفينة والأخرى، بواسطة فئة تٌجيد ضبط توقيت تفعيل الشعار وتعطيله، وتتلاعب بمواسم تنشيط الشعار من تجميده؛ حيث يدخل الشعار في حالة سبات وسكون وغيبوبة طويلة عندما تكون القوة والسلطة بأيدي تلك الفئة، ويستعيد ذلك الشعار لحيويته وصحته ويقظته عند شعور نفس الفئة بـ اقتراب موعد إسقاط القوة من يديها واستعادة السلطة من فكيها!.
"المواطنة" تعني الانتماء الكامل إلى أرض الوطن، والولاء التام له، والمساهمة في تنميته واستقراره وازدهاره، وتمثل العلاقة القانونية التي تربط بين أبناء الشعب والسلطة المختارة (من قبل أبناء الشعب). لكن "المواطنة" لا تعني الشريعة الكهنوتية، ولا الولاء السلالي، ولا الانتماء الطائفي، وليست ذات صلة بأحقية الولاية الإلهية، ولا تمثل نهائيًا حصول بقايا الدخلاء والغرباء والشظايا على امتيازات الحكم والثروة على حساب أبناء الشعب الذي استضافهم.
أما "المساواة" فيقصد بها أن يتساوى جميع المواطنين بالحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص دون أي تمييز؛ ولكن من لم يندمجوا لقرون طويلة مع أبناء الأرض الذين آواهم، ومن يحسبون أنفسهم ذو تمّيز عرقي وأحقية سماوية، ومن يتطاولون على أصحاب اليد العليا التي امتدت لهم، فإن هذا المبدأ لا ينطبق عليهم بتاتًا، ولا ينسجم مع أغوار طبائعهم، ويجب أن يتم إحالتهم إلى مكانهم الصحيح، أما إلى السماء، أو طردهم إلى جغرافيا العرق الذي لاذوا بالفرار منه!. أما "المواطنة المتساوية" فإنها تتضمن مزيح معنى المفردتين من حيث الانتماء والولاء وتساوي الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن الواحد الذين يفخرون بالانتماء إليه، و يشعرون بالولاء التام له (وذلك مناقضًا كليًا لـ المعاني المتأصلة في معجم شريعة الحكم الكهنوتي السلالي).
نقول لـ أصحاب أجندة شعارات "المواطنة المتساوية" المُجدولة المزمنّة، بينما أبناء اليمن يُقتلون ويٌهجّرون ويُشردون من أراضيهم (تاريخيًا وحاليًا)؛ فإن أبناء الكهنوتية يٌحرضون ويُفتنون ويُحشدون ويقتلون ويٌفجرون بيوت من آمنهم، ويستولون على أراضي من أطعمهم. بينما أبناء اليمن يٌفقّرون ويٌجّوعون بطريقة ممنهجة؛ فإن أبناء السلالية يعيشون حياة باذخة، ويسيطرون على معظم مفاصل الثروة في الداخل، ويبنون شبكاتهم المالية المهولة في الخارج. بينما أبناء اليمن يٌجّهلون بشكل مٌنظم، وتغرس في عقولهم خرافات تدمير الهُوية ومحو الذات؛ فإن "الأبناء من أحفاد باذان" ينهلون من جميع المعارف، ويكتسبون المهارات والخبرات، ويدرسون في أرقى وأعرق الجامعات العالمية باستخدام تلك الثروات المنهوبة. بينما يٌجَرَّد أبناء اليمن من السلطة والوظيفة العامة (المتوسطة والعليا)؛ فإن "أحفاد الرّسي" يحصرون السلطة العليا عليهم، ويشاركون بعض الوظائف الدنيا مع قفازاتهم من أتباع مذهب أئمة السلالية. بينما يتم تجريف هٌوية أبناء اليمن لجعلهم عٌكفة تابعين خانعين صاغرين؛ فإن بقايا الدخلاء والغرباء والشظايا تعمل على تمجيد ذاتها، وتأصيل قُدسية هويتها "الآل". بينما يتم تمييع انتماء أبناء اليمن وتفكيكه بأساليب إيديولوجية كهنوتية مكثفة، وفصلهم كليًا عن ذواكرهم الحضارية وأمجادهم التليدة؛ فإن الكهنوتية السلالية تعمل على تقوية منظومة ترابطهم، وتشحن ذواكر المصابين بداء مذهب أئمتهم، وتجذّر العبودية في أوساط المغرر بهم. بينما أبناء اليمن يحتاجون إلى عقود طويلة لـ إعادة تأهيلهم وتعليمهم وتشييد ذواتهم، وبناء شخوصهم، وإنعاش هويتهم، وتنشيط انتمائهم؛ فإن الكهنوتية السلالية تعضّ بفكيها على السلطة، وتمسك بأيديها على الثروة، وتعلق بخلفية جدرانها المؤهلات، وتُسيطر على العديد من الأمور المفصلية الهامة!.
ووفقًا للسطور أعلاه، نقول لمن ابتدأت بهم الفقرة السابقة، تم إبعاد أبناء اليمن من حكم أرضهم بطرق خبيثة متعددة، وتم تجّريدهم من ثرواتهم، وتم تجويعهم وإفقارهم وانتزاع كافة مقدراتهم، وتم تجهيلهم بعناية فائقة، وتم تجريف هويتهم ومحو ذواتهم؛ فعن أي "مواطنة" تتحدثون، وإلى أي "مساواة" ترنون، وعن أي"حقوق" تقصدون، وإلى أي "تكافؤ فرص" تُشيرون!.
ونقول أيضًا لـ أصحاب شعار "المواطنة المتساوية"، لو استطاعت الكهنوتية السلالية من وضع جميع أبناء اليمن في "المحوى" (مجموعة مباني بسيطة محاطة بأسوار خٌصصت لفئة المهمشين من ذوي البشرة السوداء من عمال النظافة)، وعزلهم عن محيطهم الداخلي والخارجي، بنفس الآلية التي عملتها السلالية مع الفئة المهمشة في أمانة العاصمة صنعاء، لما ترددت لـ لحظة واحدة؛ فجذور نظرتهم نابعة من أن اليمنيين فئة تابعة هامشية، وبأن أبناء اليمن يجب أن يكونوا عُكفة، وبأن أرض اليمنيين فيّد لأجدادهم وأحفادهم من كهنة الآل!. علمًا أن الفئة المهمشة أنظف وأشرف وأطهر وأنقى من الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة، وهم من يستحقون حقوق "المواطنة المتساوية"، فتلك الفئة لم تسلب ولم تنهب ولم تقتل ولم تدمر ولم تستعلي ولم تثير الفتن ولم تٌدّلس ولم تٌجهل ولم تتسبب بضرر أحد؛ وعلى العكس من كل ذلك، فقد قدمت الكثير وساهمت في حفظ الأرض والبيئة من التلوث وانتشار الأوبئة عبر رفع القاذورات والمخلفات بأيديهم الطاهرة الشريفة؛ بينما تغافل الجميع عن التخلص من القاذورات والمخلفات المدمرة المشعة الناشرة للأوبئة المتمثلة بـ السلالية الكهنوتية وقفازاتها القذرة!.
قبل الختام، مارست الكهنوتية السلالية كل الجرائم والجنايات بحق أبناء الشعب اليمني، وما أن تستشعر بـ قرب موعد الخلاص من بشاعتها، حتى تخرج لـ رفع تلك الشعارات عبر أدواتها القذرة!. اغتصبوا الحكم واستولوا على السلطة، وقتلوا وأحلوا دماء أبناء الشعب، و شردوا وهجروا أبناء اليمن، ونهبوا الأراضي وسلبوا الممتلكات الخاصة، واختلسوا مقدرات الشعب العامة، ومارسوا التجويع الممنهج بحق الشعب، وجهّلوا أبناء القبائل اليمنية وغرسوا بذور الفتن بينهم، وكونوا الثروات المهولة في الداخل، وأسسوا الشبكات المالية الضخمة في الخارج، وعملوا جاهدين على تمييع الذات اليمنية واستئصال الهوية السبئية الحِميّرية ومحو الانتماء، وأفسدوا في الأرض وأهلكوا الإنسان، وجعلوا من أرض اليمن مقبرة ممتدة وسجن كبير وأرض طاردة؛ وبعد كل تلك المآسي والجرائم يتم محاولة تخدير تلك الأوجاع، وتغطية تلك الندبات العميقة، وكي تلك التجاعيد الغائرة عبر شعار "المواطنة المتساوية"!.
ختامًا، "المواطنة المتساوية" تٌطالب بها الأقليات الوافدة الراغبة بالبقاء والانتماء والولاء للأرض، والتواقة للتعايش، ولا يطالبها أبناء الشعب وأصحاب الأرض، ولا تنطبق كليًا على بقايا الدخلاء والشظايا من قِوَى الغزو والاحتلال. علمًا أن من اعتاد على "اللامواطنة" ومارس "اللامساواة" لقرون طويلة ممتدة، ومن لم يقبل بـ التعايش ولا يشعر بالانتماء والولاء للوطن، لا يمكنه إلا أن يوظف حروف مفردات ذلك الشعار في أوقات زمنية محددة. لذا، "المواطنة" تٌحتم على أحفاد سبأ وحِميّر بـ الضرب بيد من حديد دون أي شفقة أو رأْفَة أو مساومة أو تهاون على كل من قدموا إلى أرض اليمن هاربين شاردين، ولم يقبلوا بـ المواطنة لقرون طويلة ممتدة، ولهم سوابق عديدة تاريخية وتجارب معاصرة ضد جوهر المواطنة، المتمثلة بـ بقايا الشظايا والدخلاء والغرباء من الكهنوتية السلالية وأدواتهم من القفازات القذرة!. بينما تنص "المساواة" وتؤكد على أن أبناء اليمن يحتاجون إلى عقود عدة؛ لتمكينهم من سلطة وطنهم والاستفادة من ثروة أرضهم، وتعليمهم وابتعاثهم بأعداد كبيرة إلى أرقى الجامعات العالمية، وإعادة تأهيلهم لبناء ذواتهم وشخوصهم وهويتهم وانتمائهم، وبعد ذلك الحين لنبدأ الحديث مجددًا عن "المساواة"!.