آخر تحديث :الأربعاء-15 يناير 2025-02:15ص

صراع قبائل مذحج مع الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة ليست وليدة اللحظة!

الأربعاء - 15 يناير 2025 - الساعة 02:15 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


لم تمر مدة وجيزة في مناطق قائفة المذحجية المرادية بمحافظة البيضاء حتى اشتعل الصراع مجددًا مع الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة، مقوضًا بذلك مضاجع بقايا الدخلاء ومربكًا لتوقعاتهم ومزعزعًا لأركانهم، وتلك الشعلة قد يخفت ضيائها نتيجة الخٌذلان وعدم تكافؤ القوى؛ ولكنها لن تنطفئ وسوف يضطرم لهبها كرة أخرى حتى تلتهم الدخلاء وتحرق بقايا الشطايا والغرباء.


والمطلع على السياقات التاريخية يجد أن جذور الصراع بين قبائل مذحج عامة (ومراد خاصة)، مع الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة، ليست وليد اللحظة، وليست مرتبطة بالعشرة العقود الأخيرة فقط، بل لها جذورها التاريخية الممتدة إلى قبل الإسلام؛ وذلك كون نخوة وأنفة وكرامة وعزة وشهامة قبائل مذحج، تلفظ الغزاة المحتلين، ولا ترضخ نهائيًا لحكم الإمامية البغيضة، ولا تقبل بـ سلطة السلالية، ولا تسمح بأن تضع كبريائها تحت إمرة القفازات القذرة من العٌكفة المصابين بداء مذهب السلالية.


فأول ثورة قامت بها قبائل مذحج الطعان (وقرنها مراد) ضد جذور السلالية (الفارسية)، وقعت قبل الإسلام بما يقارب خمس سنوات، وكانت مع الغزاة الباذانيين وعٌكفتهم المُهجنين المحسوبين على أبناء همدان (حاشد وبكيل)، في معركة "الرَّزم/أو ذات الردم"، بوادي مذاب في الجوف؛ كون قبائل مراد المذحجية كانت تسكن ما بين جنوب نجران وتثليث وتمتد الى الجوف، وكانت أحد بطون مراد "بنو غطيف" يقطنون براقش ومنهم ملوك معين، وأشارت بعض المصادر التاريخية أن قبائل حِميّر ساندت مذحج بتلك المعركة، ولكنها هٌزمت نتيجة الدعم الكبير للباذانيين وعٌكفتهم المُهجنين من قبل الفُرس.


ولم تتوقف عند ذلك، فكل من نجا من الموت المحقق في معركة الثورة الأولى، من أمثال: قيس بن مكشوح المُرادي، وخاله عمرو بن معد كرب الزُبيدي، وعبهلة بن كعب العنسي المذحجي، وفروة بن مسيك المُرادي، وغيرهم، أقاموا ثورات أخرى.


وما هي إلا سنوات معدودة، حتى قامت الثورة الثانية على يد عبهلة بن كعب العنسي المذحجي "ذي الخمار" وقبيلته مذحج، وانضموا لمساندته من قبائل حِميّر، ودخل صنعاء وقتل "باذان"، وتم هزيمة وسحق قوى الاحتلال الباذانية وعُكفتهم المُهجنين، وخاطبهم قائلاً "إنَّ الأرض أرضي وأرض آبائي، فاخرجوا منها،…".


واستمرت شعلة الثورة ولم تنطفئ، فقد قام "قيس بن مكشوح المرادي"، وساندته قبائل حِميّر (ومنهم ذو الكلاع الحميري وغيره) بمواصلة القضاء على بقايا الدخلاء الغرباء من "الأبناء أحفاد باذان" وعٌفكتهم المُهجنين، وقام بن مكشوح المرادي بقتل "داذويه" أحد كهنة فارس ومن كبار قادتها و ابن باذان، واستعاد ملك صنعاء؛ ولكن تمكن فيروز الدَّيْلمي -وجشَيش الدَّيْلمي، وجشلس بْن شهر وغيرهم- من الفرار والهروب إلى أخوالهم المُهجنين في جبال قبائل همدان!. (وسأترك للقارئ الكريم العودة والبحث عن اختلاط الدماء والطبائع نتيجة التهجين، وعن من جعل "داذويه" واليًا على صنعاء، ومن أعاد "فيروز الدَّيْلمي" لحكم صنعاء!)


وتجاوزاً للتاريخ الإسلامي ودور قبائل مذحج وقرنها مراد بإسقاط الإمبراطورية الفارسية، وانتقالاً إلى التاريخ اليمني المعاصر، فقد واصل أحفاد قبيلتي مذحج وحِميّر السبيئتين ثورات العزة والحرية والكرامة المتتالية على كافة الغزاة والمحتلين، ابتداءً من القردعي المرادي، وسالمين، وعنتر، والضالعي، وخليفة، والميسري، والكازمي، وعبدالمغني، والبيضاني المرادي، وجواس، وقطن، والشدادي، والصبيحي، والمحرمي، والحميقاني، واليافعي، والعواضي، والقبلي نمران، وبحيبح المرادي، وبن معيلي، والدعيس،… إلخ (والقائمة تطول). علمًا أن معظم المناطق التاريخية التي تلفظ الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة هي مناطق جغرافية تابعة لقبائل مذحجية وحِميّرية سواءً المناطق الشرقية أو الوسطى أو الجنوبية. ويكفي التذكير هنا بخصلة واحدة من الخصال والقيم المذحجية، بأن الذي وقف شامخًا أمام الموت، ولم يترك رفيقه الرئيس الأسبق (بينما تركه جميع المُهجنين)، هو أبن محافظة شبوة، وشبوة مذحجية.


ولابد من الإشارة هنا، أن أول من عانى من الكهنوتية السلالية وأتباعها من أبناء همدان المُهجنين، هم قبائل همدان الحاشدية البكيلية الأصيلة (الغير مُهجنة)، وقد قاوموا تاريخيًا ببسالة وشجاعة منقطعة النظير، واُرتكبت بحقهم أبشع الجرائم وأفظع الجنايات؛ وكفى أن يكون منهم أبا الحسن الهمداني ونشوان الحِميّري، ومرورًا بالمقتفيين لمدرستيهما، من أمثال الضحاك، والدعام، والقشيبي، ووهبان العليي، وقبائل حجور، وآل مجلي، وآل حواس، وبعض قبائل خولان بن عامر، ….إلخ (والقائمة تطول).


وقد حاولت أيدي السلالية عبر مؤلفاتها التاريخية المزورة، أن تحرف مسار الصراعات، وتجعل كافة الثورات المذحجية والحِميّرية على أنها أما صراعات ضد بيضة الدين، أو أن تجعلها صراع بين قبائل مذحج (ورأسها مراد) وحِميّر من جهة، مع قبائل همدان (حاشد وبكيل)، وذلك غير صحيح؛ بل أن تلك الثورات والصراعات كانت ولا تزال بين أحفاد سبأ وحِميّر (الكهلانيين "المذحجيين، والأزديين، والهمدانيين" والحِميّريين) مع الكهنوتية السلالية وأتباعهم المُهجنين المحسوبين على أبناء قبيلة همدان!.


والجدير ذكره ان الشعارات التاريخية التي استخدمتها الكهنوتية السلالية وقفازاتها لتشويه كافة الثورات السابقة والمتمثلة بـ الردة، والكفر، والفجور، والخوارج، والتكفيريين، وموالاة اليهود والنصارى، والعمالة والخيانة؛ هي نفس الشعارات التي تُستخدم اليوم، مع تحديث المصطلحات لكي تتناسب مع متطلبات العصر ، وتتناغم مع قواميس المنظمات الأجنبية!.


قبل الختام، من المؤسف جدًا أن الكهنوتية السلالية والمُهجنين من قفازاتها القذرة، تمكنوا من استبعاد أبناء القبائل المذحجية والحِميّرية (وحتى بعض أبناء قبائل همدان الغير مُهجنة) من معظم أماكن القيادات العليا والمتوسطة في عهد الجمهورية الأولى بطرق ممنهجة، ومن المُحزن للغاية أننا وصلنا إلى اليوم الذي نرى فيه دبابات الجمهورية الأولى تقصف منازل أحفاد من كان لهم الدور الكبير في فك حصار السبعين يومًا وبقاء الجمهورية!.

ختامًا، ما يحدث اليوم في الصخرة الصماء أرض قائفة المذحجية المرادية، ليس وليد اللحظة، وليست مرتبطة بالعشرة العقود الأخيرة فقط، بل هو امتدادًا تاريخيا للصراع مع الكهنوتية السلالية والمُهجنين من أتباعها. كما أن قبائل مذحج الطعان من مأرب والبيضاء وشبوة وأبين ولحج والمناطق الوسطى وذمار (عنس والحدا)، وكذلك القبائل الحِميّرية المتواجدة في المناطق الوسطى وبقية المناطق الجنوبية، وأيضًا قبائل همدان الحاشدية والبكيلية الأصيلة (الغير مُهجنة)؛ لن يكونوا إلا يد واحدة في مجابهة ووأد الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة. لن تسقط دماء أحفاد سبأ وحِميّر (المذحجية والحِميّرية والأزدية والهمدانية)، ولن تتلاشى مشاهد تدمير المنازل وتهجير إكليلات اليمن من مهاجعهن، ولن يفلت كل مرتكبي تلك الجرائم والجنايات من الحساب العسير.