آخر تحديث :الإثنين-20 يناير 2025-01:18ص

التزايد الأُسي للسلالية والتناقص الصفري لليمنيين الحِميّرين (اليهود)!

الإثنين - 20 يناير 2025 - الساعة 01:18 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


اتسمت مظاهر الحياة الروحية الدينية في الحضارة اليمنية القديمة (السبئية الحِميّرية) بالانتقال سريعًا من الديانات البدائية الطوطمية (عبادة الحيوانات والنباتات والرموز)، وديانات الزراعة والبحار، إلى عبادة الخوارق الطبيعية المتمثلة بعبادة الثالوثية السماوية الفلكية (الإله القمر، والإله الشمس، والإله الزهرة) ولم يعبدوا الأصنام؛ وذلك كونهم كانوا يبحثون عن قوة عليا خارقة تفوق قوتهم، وليست بمتناول أيديهم، وخارج نطاق سيطرتهم!. واهتداء اليمنيون إلى الديانة التوحيدية، قبل أن تصل الديانات السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام)، وذلك ما أوضحته النقوش المسندية بنصوص "ذي سموي" و"الإله رحمن"، وقد أشارت بعض النقوش المسندية المكتشفة التي تعود إلى قبل أربعة ألف سنة إلى الشعائر التعبُدية، والطهارة البدنية، والطهارة الروحية، والمحرمات، والأعمال الغير مستحبة في المعابد، وطرق ومواضع العبادة، وغيرها؛ وكل ذلك قبل قدوم الهاربين المشردين من الكهنوتية السلالية إلى أرض السعيدة!.


دخل اليمنيون الديانات السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام) وفقًا لـ تتابعها الزمني، وفي القرن التاسع عشر أصبحت هنالك أقلية يمنية حِميّرية (يهودية)، وأغلبية يمنية مسلمة، وشرذمة كهنوتية سلالية من الدخلاء والغرباء والشظايا!. وقد أشارت بعض الوثائق والسجلات والمؤلفات التاريخية إلى أن عدد الكهنوتية السلالية الذين كانوا يسيطرون على مفاصل الحكم والسلطة في منتصف القرن التاسع عشر تٌقدر بـ ٦٠٠٠ ألف كهنوتي سلالي، وأن الإجمالي العام لـ تعداد الكهنوتية السلالية المتوزعين على كامل الجغرافيا اليمنية بلغ حينها ما يقارب الـ ٥٠ ألف؛ وذلك يعني أن ٤٤ ألف كان جزء كبير منهم أما من الطحالب الملتصقة أو المنتفعين أو القفازات القذرة أو الفئة التي غيرت أنسابها للحصول على الامتيازات الطبقية!.


وفي نفس التاريخ (أربعينيات القرن التاسع عشر)، كان تعداد اليمنيين الحِميّريين ممن يدينون بالديانة اليهودية ما بين ٦٠ إلى ٧٥ ألف، بمعنى آخر أن نسبة تعداد الكهنوتية السلالية التي كانت تسيطر على مفاصل الحكم والسلطة حينها لم تكن تمثل حتى (٠,٠٨%) من تعداد الأقلية اليمنية الحِميّرية من اليهود، ولا تمثل حتى (٠,٠٠٢٤%) من اليمنيين المسلمين أحفاد سبأ وحِميّر. وفي سنة ١٩٤٨م، تم تهجير أغلبية أبناء اليمن الحِميّريين (اليهود) من أراضيهم إلى الأراضي المحتلة كنوع من الدعم للكيان الغاصب، وتم الاستيلاء على كافة ممتلكاتهم سواءً داخل المربعات والقيعان السكنية في صنعاء أو حولها أو في المناطق الأخرى خارجها. وبالتالي، من لم تتمكن السلالية من تدّجينهم أو التخلص منهم سابقًا؛ هجّرتهم عبر تطبيق الشريعة المتوكلية بإرسالهم إلى "فتوحات بساط الريح" لدعم الكيان الغاصب!.


وكذلك، وفقًا للإحصائيات المتوفرة، فقد تبقى من اليمنيين الحِميّريين اليهود في العهد الجمهوري الأول ما يقارب من الـ ١٣٠٠ نسمة؛ ولكن عندما عادت الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة بحلتهما الجديدة (إمامية ولاية الفقيه)، تم ترحيلهم من أراضيهم، وتم الاستيلاء على ما تبقى من ممتلكاتهم؛ لينتهي بهم المطاف مٌهجّرين ومشردين في أرض أخرى مغتصبة!. وبالتالي، أصبح عدد الدخلاء والشظايا والغرباء من الكهنوتية السلالية وقفازاتها يتزايد بشكل رياضي "أٌسي"؛ بينما تناقص تعداد اليمنيين الحِميّريين (اليهود) حتى وصل إلى المستوى الصفري!.


وتشير الاحصائيات المتاحة بأن تعداد اليمنيين الحِميّريين اليهود يبلغ حاليًا ما يقارب من ١٦٠ ألف نسمة (وتشير إحصائيات أخرى أن تعدادهم قد يصل إلى ٣٥٠ ألف نسمة)، وهذا قد يعطي مؤشر للمقارنة بين تعداد شرذمة الكهنوتية السلالية سابقًا في منتصف القرن التاسع عشر، وتعدادهم الزائف اليوم؛ وذلك بالمقارنة بين تعداد اليمنيين الحِميّرين اليهود في أربعينات القرن التاسع عشر الذي كان يفوق تعداد السلالية، وتعدادهم اليوم!.


ولم تتوقف الكارثة عند اليمنيين اليهود فقط، بل أنه في وقتنا الحاضر، عاد تعداد الكهنوتية السلالية في التزايد مجددًا وبدأت بعض الألقاب المخفية تظهر وبعضها الآخر يتغير، وبينما أصبح تعداد اليمنيين (أحفاد سبأ وحِميّر) يتناقص يومًا بعد يوم، أما بالتدّجين وانتهى المطاف بهم إلى المقابر، أو بالتهّجير، أو التشريد، أو التجويع، أو بتغيير الأنساب للحصول على الامتيازات؛ ولكن يُحال أن يصل تعداد أحفاد سبأ وحِميّر إلى المستوى الصفري!.


وبالرغم مما حدث لليمنيين الحِميّريين (اليهود) من تهجير وتشريد وسلب ممتلكات، إلا أنهم كانوا متمسكين بالبقاء بوطنهم رغم كافة الضغوطات، وما زالوا إلى يومنا يفتخرون بأصولهم، ويعتزون بانتمائهم، ويحتفظون بجذور موروثهم اليمني؛ بينما الدخلاء من شرذمة الكهنوتية السلالية الذين استضافهم اليمانيون وتسامحوا معهم لقرون طويلة، لا يزالون يتعالون على اليد العليا التي امتدت لهم، ومستمرين بـ الاستهانة والاستهتار بدماء اليمنيين، ومنتظمين على سلب ونهب ثروات ومقدرات أرض سبأ وحِميّر، ومواصلين ممارسة أبشع الجرائم بحق أبناء الأرض حتى يومنا هذا!.


وقد يطرح البعض تساؤل بديهي بسيط متمثل بـ كيف استطاعت تلك الشرذمة الصغيرة من التحكم في مصير شعب بأكمله (ملايين)، والإجابة المستقاة من تحليل المساقات التاريخية والمعاصرة تكشف لنا انه تم بواسطة ما يلي: الاستحواذ على الحكم ومفاصل السلطة باستخدام الإيديولوجيا الدينية المكثفة مع مزيج من بودرة التقديس الكهنوتي والتنويم السلالي، والاستيلاء على الثروة المهولة بواسطة تفسيرات النصوص الدينية والسلب والنهب!. وكذلك، تم بناء جناح عسكري عبر استخدام خطوط إنتاج فقاسات مذهب أئمة السلالية، وتم تهجين البعض بحيث تطبعوا بطباعهم وصاروا مسوخ بشرية مُهجنة وليسوا بـ يمنيين لا بالهيئة ولا بالخصال ولا بـ مصفوفة القيم!. وأيضًا، قاموا بأتباع أساليب التجويع والتجهيل الممنهج بحق أبناء الأرض، وحصروا التعليم على سلالتهم وأدواتهم، مع التركيز على العلوم الإنسانية المرتبطة باللغة والأنساب وعلم الاجتماع؛ حيث استفادوا من علم اللغة في لحن القول ونهج البلاغة والتأليف والتواصل، ووظفوا علم الأنساب لتزوير الأنساب وجعل القبائل اليمنية أما عكفوية أو "لهبية"، واستخدموا علم الاجتماع في زراعة الفتن وإعادة الهندسة الاجتماعية لأبناء القبائل اليمنية!. وإضافة إلى كل ما سبق، تم تشكيل شبكات سلالية سرية مترابطة داخليًا وعابرة للقارات خارجيًا، وشبكات مالية، وشبكات بحثية، وغيرها من الوسائل والطرق والأساليب!.


تلك الشرذمة الكهنوتية المكونة من ستة ألف سلالي وأبنائهم وأحفادهم وأقربائهم الحاليين، وبمساندة أدواتها وقفازاتها القذرة التاريخية، هم أنفسهم من جمعوا مؤخرًا البيانات الإجتماعية على مستوى المدن والقرى والعزل والنواحي والمديريات والمحافظات لإعادة هندسة المجتمع والتلاعب بأبناء القبائل اليمنية!. تلك الشرذمة ما إن يجدوا قبيلة يمنية قوية مجابهة لهم، حتى يحاولوا بشتى السبل تفكيكها أو تحويلها إلى شرذمة "لهبية". تلك الشرذمة هم أنفسهم ما أن تبدأ سقوط السلطة من تحت أيديهم حتى يخرجون إلى الدعوة للتسامح والعقلانية والمواطنة والتسامي وتناسي الماضي!. تلك الشرذمة هم أنفسهم من يرتدون عباءة المصلحين ويعملون دائمًا على تمييع القضايا وتقديم أرباع الحلول، وهم من يتوزعون الأدوار الإجتماعية المتعددة!. تلك الشرذمة هم أنفسهم من تغلغلوا في مفاصل مؤسسات الدولة، ونَفذوا إلى زوايا القضاء، واندسوا في دواوين الوزارات، وتوزعوا في منصات الإعلام، وتوغلوا في مقرات السفارات والقنصليات، واخترقوا غرف العمليات العسكرية، وتسربوا إلى مكاتب السجلات والأرشيفات!. تلك الشرذمة هم الجناة والسجانين والمجرمين، وهم أصحاب التنظيمات والشفرات السرية، وهم أنفسهم من عبثوا بأرض اليمن سابقًا ويعبثون بها اليوم طولاً وعرضا، وهم أنفسهم من ارتكبوا جرائم تاريخية سابقة بحق اليمنيين، وهم أنفسهم من يرتكبون معظم الجنايات المفزعة اليوم!.


قبل الختام، ابحثوا عن مسميات تلك الشرذمة وسوف تجدونها في طيات السجلات والوثائق التاريخية، وفي ثنايا صفحات مؤلفات الأحرار، وهم المتصدرون للمشهد اليوم في أماكن سيطرتهم حتى ولو تخفوا تحت المسميات الحركية!. تتبعوا تلك الشرذمة وسوف تعثروا عليها في معظم قرارات تعيينات الهياكل الإدارية السلالية، وعلى رأس دوائر الأشراف الوزارية، وفي أروقة المنظمات الإقليمية والدولية!. فتشوا عن تلك الشرذمة وسوف تكتشفوا أنها بين دوائر الأحزاب السياسية، وعلى رأس الشبكات الإعلامية، وفي مقدمة صفوف الخطابات التجهيلية!. وتقصوا عن مسميات بقية تعدادها المتمثلة بـ الـ ٤٤ ألف، وسوف ترون بأنها من الأدوات والقفازات القذرة لأسيادهم ممن قاموا بتضليل وتحشيد وتجميع أبناء القبائل اليمنية إلى أرض المحرقة!.


ختامًا، بينما كان اليمانيون الأوائل قبل آلاف السنين يبحثون عن قوة خارقة عليا خارج نطاق سيطرتهم لكي يُقدّسونها ويعبدونها، ها هم اليوم بعض المضللين المدّجنين من العٌكفة عادوا لتقدّيس ما هو أقل شأناً مما تحت أقدامهم، وفي متناول أيديهم، ولا يرقى حتى إلى مستوى بدائية الطوطمية؛ كون الحيوانات والنباتات يُستفاد منها!. كما أن ما تشاهدونه اليوم من جرائم الكهنوتية السلالية بكافة جوانبها البشعة، ما هو إلا إحدى مربعات الصورة الكبيرة لما عاناه الأجداد والآباء من أحفاد سبأ وحِميّر، مع فارق اختلاف الأدوات المستخدمة لكل عصر!. يجب أن تُستعاد الحقوق لكافة اليمنيين بما فيهم الحِميّريين اليهود، ويجب أن يتم عكس طرفي المعادلة كليًا وأن يكون التناقص الصفري من جهة الكهنوتية السلالية وقفازاتها، لا من جهة أحفاد سبأ وحِميّر، وهنا يتأتى دور القومية اليمنية!.