آخر تحديث :الجمعة-28 فبراير 2025-01:17ص

قصة حزب الله!

الجمعة - 28 فبراير 2025 - الساعة 12:14 ص

عبدالوهاب طواف
بقلم: عبدالوهاب طواف
- ارشيف الكاتب


ظل حسن نصر الله سنوات طويلة وهو يحاول أن يرسخ لدى الجميع أن لبنان هو حزب الله، وحزب الله هو لبنان، وأنه الحاكم الحصري له، وهو الذي كان يعلن باستمرار أنه تابع لولي الفقيه.

كانت خطة إيران للتمدد إلى المنطقة العربية وإسقاط دولها ترتكز وتعتمد على خطة معلنة وأخرى مخفية. الخطة المعلنة كانت تعتمد على التواري والتخفي خلف دعاوى تحرير فلسطين من الوجود الإسرائيلي. بينما خطتهم الأساسية السرية، اعتمدت على تعصيب الطائفية الهاشمية وملشنة الشيعة، للتغلغل في دولنا العربية لإسقاطها من الداخل، لتحقيق حلمهم الفارسي لفرض دولة علوية هاشمية، عابرة للحدود، تمتد على كامل شبه الجزيرة العربية، وتُدار من قِبل ولي الفقيه من طهران.

فعلا نجحوا بإسقاط أربع عواصم عربية، بتلك الحيلة.


في ظل تتابع نجاحاتهم في المنطقة العربية، كان للقدر رأي آخر، فقد ساق حسن نصر إلى خارج سياق خططهم المرسومة ؛التي كانت مرتكزة على ترديد شعارات محاربة إسرائيل للتمويه، فقد دفعتهم المستجدات في لبنان إلى إظهار خفايا مشروعهم الطائفي الموجه بالأساس ضد العرب. فكانت البداية عندما رأت إيران أن بقاء رفيق الحريري حي سيفقدها السلطة والنفوذ في لبنان، خصوصًا بعد قرب طرد الجيش السوري من هناك، ولذا كلفت حسن نصر الله وبشار الأسد بأمر تصفية رفيق الحريري.

تم لهم الأمر بشكل بشع، تسبب بإغراق لبنان في فوضى عارمة، لا تزال تداعياتها ماثلة للعيان حتى اليوم.


مرة أخرى كان للقدر قوله وفعله، فعلى إثر أحداث ومظاهرات عام 2011، شعرت إيران ومحورها العلوي الهاشمي أن ركيزتهم الأساسية في سوريا ستنهار تحت إصرار السوريين على إسقاط نظام الأسد، في الوقت الذي كانوا يعملون فيه لبناء ركيزة طائفية جديدة لهم في اليمن، الأمر الذي اضطر زعيم حزب الله أن يتدخل في سوريا بصورة مباشرة، معلنا أن طريق القدس يمر من دمشق وحمص والقلمون وحلب.

وفعلًا دفع بميليشياته إلى سوريا، فارتكبت مجازر هائلة وبشعة ضد الشعب السوري، ستظل فصول مآسيها تتكشف لزمن طويل.

من جديد، أصر القدر أن يدلي بدلوه، فقد كان ال 7 من أكتوبر 2023 بداية فصل جديد في منطقة الشرق الأوسط، أسفر عن خلط للأوراق وضرب للتوازنات، أدى إلى كشف حقيقة مواقف وسياسات محور المقاومة، وهو الأمر الذي تسبب بدفع إسرائيل لتصفية زعيم حزب الله وقياداته، مع أنها كانت تحرص على بقائه واستمرار ميليشياته في لبنان، خلال العقود الأربعة الماضية.

قررت إسرائيل تصفية حسن نصر الله، لمحاولة رد الاعتبار إلى جيشها الجريح، وتم لهم الأمر بسهولة فاجأت الجميع، وقُتل معه معظم قياداته خلال عدة أيام، وهذا يدلل أن تل أبيب كانت قادرة على تصفيته بسهولة في السابق، ولكنها ظلت تحافظ عليه ليقينها أن وجوده على قيد الحياة كان يخدم مصالحها القومية أكثر من موته، كون سياساته الطائفية وحروبه المذهبية ضد العرب دفعت بدول منطقة شبه الجزيرة العربية إلى الانشغال بإطفاء حرائقه في المنطقة، وصرف نظرهم عن العمل العربي المشترك لمصلحة الفلسطينيين.


حل وقت تشييع حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، فسعت بقايا قيادات حزب الله عبر مراسم التشييع إلى استدعاء كل قيادات المشروع الهاشمي من الدول العربية، لمحاولة تجبير كسره ولملمة مجده المبعثر، وترميم سمعته المسفوكة، وإعادة تجميع قواته الخائفة والخائرة، عبر مراسم تشييع فخمة ولافتة، في مسعى أخير لإقناع الداخل اللبناني والخارج أنه لا يزال موجودا على الساحة اللبنانية، ومؤثر في خارجها.

إلا أن نتائج مراسم التشييع المبالغ فيها كانت مخيبة للآمال، فقد شعرت قيادة الحزب لاحقًا أنها أثبتت دون أن تدرك وعبر وجوه وأسماء وتوجهات من حضر التشييع، وعبر خطاب الأمين العام الجديد للحزب، أنهم مجرد جماعة صغيرة في لبنان، تتبع ولي الفقيه الإيراني.

كما أن المقاطعة الرسمية والشعبية للتشييع قالت كلمتها، بأن بقايا حزب الله يقبعون في ساحة صغيرة معزولة ومنبوذة من معظم أبناء الشعب اللبناني، ومتخندقة بمصالح الملالي ضد مصالحهم، وهم من يحتاج للبنان وليس العكس.

أنا على يقين أن زوال حسن نصر الله وبشار الأسد، وهزيمة مشروع الملالي في سوريا ولبنان، سيعود بالنفع والفائدة على كل دول المنطقة، وسنقطف ثمار تلك المتغيرات في اليمن في قادم الأيام.