آخر تحديث :الخميس-13 مارس 2025-04:28ص

قصة حرب الحوثي على مزارعي الثوم

الأربعاء - 12 مارس 2025 - الساعة 11:54 م

سامي نعمان
بقلم: سامي نعمان
- ارشيف الكاتب


نموذج لعبث الحوثي بالاقتصاد وبأرزاق البسطاء


حرب ميليشيا إيران الحوثية على مزارعي ومسوقي الثوم البلدي وارهابهم بالمدرعات والرصاص يكشف مستوى عبثها باقتصاد اليمن وبأرزاق البسطاء والتجار وحقوق المستهلكين ليس فقط في شمال اليمن الخاضع لها بل ويمتد تأثيرها إلى المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية..

يطلق الحوثي خطابات رنانة لدعم المنتج الوطني وتشجيع الزراعة فيما يكون قد بيت النية لاستثمار عرق المزارعين البسطاء وجهدهم لزيادة الانتاج فيما يذهب هو لجني الثمار..

مثلا في قصة الثوم (كنموذج) وببساطة هي كالتالي: 


المرحلة الأولى:

يبدأ الحوثي بمنع دخول الثوم الخارجي واستيراده او وصوله من تجار عدن منذ عامين دون أن يكون الانتاج المحلي كافيا لتغطية الأسواق في مناطق سيطرته بالحد الأدنى.. كان سعر السلة الخارجي 10 كيلو تقريبا بين 30- 40 ريال سعودي (3 ريال سعودي للكيلو) واحيانا دون ذلك فيما كان سعر الكيلو البلدي يصل الى ١٠ ريال سعودي في مناطق الحوثيين وليس مرغوبا زراعة ولا استهلاكا..  


بعدها ارتفع الثوم بصنعاء ومناطق سيطرة الحوثية بشكل مهول وصل معها سعر الكيلو إلى ١٥-٢٠ ريالا سعوديا وأكثر  مع قلة العرض ما دفع المزارعين للتوسع بزراعته بشكل جنوني مدفوعين بإغراء الربح.. أتاح لهم الحوثي في البداية هامش ربح وفير (الطعم) ووعدهم بدعم المنتج الوطني على حساب الخارجي.. "طعموا" الربح المغري أول مرة وتشجعوا على المزيد من الزراعة فيما اكتفى هو بالقليل من الجبايات التي لا تؤثر.. وهذا تكتيك القناعة الابتدائي الذي سيغيره ويعوضه لاحقاً..  


في المقابل في مناطق الحكومة الشرعية انخفض سعر الثوم في البداية لأنه عانى الكساد مع زيادة العرض، وخسر المستوردون خاصة أن الثوم لا يدوم أسابيع غالباً بدون مخازن حافظة.. وفي إجراء طبيعي قلص التجار الكميات المستوردة لأن سوق مناطق ميليشيا الحوثي مغلقة بحزم أمامهم.. والثوم يتعفن بسرعة وسعره اصبح غير مجد..


في المرحلة الثانية اختلفت المعادلة:


بدأ تهريب الثوم تدريجيا من مناطق الشرعية لمناطق الحوثي مدفوعا بإغراء رخصه هنا وارتفاعه هناك (١٠٠ ريال سعودي للسلة ١٠ كيلو في مناطق الحوثيين مقابل ٣٥ ريالا في عدن) .. تهريب بوساطة وتساهل سماسرة حوثيين مع السماح بكميات كبيرة وعمولات  مغرية لأن العائد مجدي مع ارتفاع سعر الثوم البلدي.. بالنسبة للحوثي ما يهمه أنه نجح في تكتيك تعظيم الفائدة فقط سواء من الثوم البلدي أو الصيني  أو حتى الاسرائيلي إن وجد بطريقة رسمية أو بالتهريب.. لا يهمه الوطني ولا المزارع ولا المستهلك. 

 

أثر التهريب على الكمية الموجودة في مناطق الحكومة الشرعية وارتفع فيها سعر الثوم فيها 100%  ارتفاعا حقيقيا وليس ارتفاع تبعا لانخفاض قيمة العملة..  في المقابل بدأ الثوم يتوفر بمناطق الحوثيين بلدي وخارجي.. البلدي بدأ يتوفر بكميات ضخمة أيضا بعدما كانت زراعته محدودة للغاية.. 


- - حاليا غدى البلدي مثل الخارجي مصدر استثمار للحوثي فقيادي حوثي يهرب الثوم وقيادي آخر يأكله وثالث يسرقه من السوق لأنه مهرب، فيما يبتز مزارعي البلدي بالخارجي أيضا وأنه قادر على إغراقهم وإفلاس تجارتهم إن لم يدفعواأو يسوقوا الثوم عبر شركات ومؤسسات تملكها أو تديرها قيادات حوثية نافذة وبالسعر "البخس" الذي تريده. 


- حاليا الثوم البلدي  تقريبا أصبح ببلاش (للهيئات الحوثية الوسيطة للتسويق التي تأخذه من المزارعين للبيع بالجملة والتحكم بالسوق إذ لا بيع إلا عبرها).. تأخذه الهيئات الحوثية الوسيطة للتسويق والبيع ببلاش اذا ما تم حسابه بكلفة المزارعة والنقل بمبلغ  ٣٠٠-٤٠٠ ريال طبعة قديمة (ريالين إلى ٣ سعودي) لتقوم تلك الهيئات بتسويقه حصرياً بالسعر الذي تريد بسعر الجملة لتجار الجملة والتجزئة ومن ثم للمستهلك النهائي بسعر باهظ مع التأكيد على احتكار التوزيع وحصر البيع غالبا عن طريق هيئات وجهات تسويق مرتبطة بالحوثي ومطالبته بعمولته الخاصة كما فعل مع مزارعي العنب والرمان وغيرها من المحاصيل.   


وهكذا أصبحت الوفرة والفائض حاليا بمناطق الحوثيين أكثر وأكثره بلدي.. العرض كثير جدا والحوثي يريد احتكار التوزيع وحكم السوق ويريد حصته منها وإلا فليتعفنرالثوم وليقتل مزارعه ومسوقه غير الحوثي-

فيما يصل سعر كيلو الثوم بمناطق الشرعية حاليا إلى 9 ريال سعودي..


ما حصل مع الثوم حصل مع عديد المتتجات وخاصة الفواكه المستوردة أو حتى المحلية التفاح والزبيب مثلا حظر  استيراده وتمرايقاف شاحنات التفاح المبردة لأشهر في جمارك صنعاء وتكبيد التجار خسائر مهولة العام الماضي بحجة مقاطعة البضائع الأميركية وتشجيع المنتج الوطني..

البرتقال والزبيب والرمان والعنب يديرها أيضا بطريقة تضمن أرباحه وإثراء قياداته العاملين عليها فقط دونما أدنى اكتراث بالمزارع المطحون والمسوق والموزع والمستهلك النهائي.. 


لكل منتج ظروفه وطريقة خاصة لإدارة أزماته.، ومعاظمة جبايات الحوثي منه وليذهب المزارع والمسوق والمستهلك إلى الجحيم..


الحوثي لا يحب المزارع  ولا الوطن ولا المنتج الوطني ولا المستهلك الفقير؛ لكنه يحب خزانته فقط وأرصدته ومصادر تمويل حروبه


باختصار وبالبلدي أيضا الحوثي عصدها طالع ونازل شمال وجنوب والشرعية لم تستطيع عمل خطة لموائمة تسويق البصل والسمك  بين الاحتياج المحلي والحاجة للتصدير لمنفعة المنتج والاقتصاد الوطني والمستهلك المحلي..