حيث تتلاقى المصالح وتتداخل الخطوط بين السلطة والفساد، صدر مؤخرًا قائد المنطقة العسكرية الخامسة، يرافقه عدد من وكلاء المحافظة، وعدد من القيادة، والذين يفترض أنهم يمثلون خط الدفاع في المعركة الوطنية ، أصبحوا يعيشون في عالم آخر، غير الذي نعيشه، حيث تختفي المبادئ الوطنية والقيم الإنسانية وتظهر المصالح الشخصية.
وذات نهار، دخل عليهم "طفل" ابن مدير مكتب المحافظ، بفكرة مجنونة تتمثل في الأستثمار في تجارة العملة الرقمية( بيتكوين)، استطاع خلالها إقناعهم بهذه الفكرة، التي ستعود عليهم بملايين الدولارات، فكلما كان المبلغ أكثر، كان العائد المالي أكبر، على أن تكون المساهمة جماعية من كل أصدقاء "الوالد" الذين تجمعهم مجالس المقيل اليومية..
شارك أصدقاء الوالد بمبلغ ثلاث مليون دولار( حسب ما كتب الصديق العزيز عامر السعيدي في صفحته، وهو الكتاب والشعراء المعروفيين بنضالهم وتضحياتهم وصدقهم) وبعد ان خسر الولد طلب منهم مليون دولار أضافية، ذهبوا لإيداعة في سجن إدارة الآن بمحافظة مأرب.
المفارقة هنا ليست في الفكرة نفسها التي تم تقديمها ببراعة وذكاء، بل في أن هؤلاء القادة، الذين يفترض أن رواتبهم محدودة، وجدوا مبالغ المشاركة بسهولة .. و دون عناء أو تفكير.
السؤال الذي يطرح نفسه: من أين جاء هؤلاء القادة العسكريون بكل هذه الأموال؟
الجواب يكمن في الفساد المستشري، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من النظام الملوث.
وستجد أن هذه الأموال التي يفترض أن تُصرف على استحقاقات الجرحى والشهداء، وحقوق الأفراد الذين ضحوا بأرواحهم من أجل استعادة الدولة اليمنية، أصبحت تُنهب بلا رادع ولا رقابة.
في لعبةٍ كبيرة لا يعرف قواعدها إلا القلة من المهتمين والمتابعين والقربيين، ستجد أن تواطؤ وتورط كثير من القيادة داخل الدولة يتم دون أدنى مسؤولية، مما يعول عليهم فيما يأمل الناس منهم في تخليصهم من المليشيات التي انقلبت على الدولة اليمنية، بل إن الغالبية من المسؤولين يعيشون في عالمٍ من الترفيه والترندات، بعيدًا عن حياة الناس وتطلعاتهم.
هذه هي الصورة القاتمة لواقع نعيشه بمرارة وألم وقهر، حيث يُسرق مستقبلنا و أعمارنا، وتُهدر حقوقنا وحقوق الجرحى والشهداء وتُباع بأبخس الأثمان. تجد اليوم (أصحاب تعز)، للأسف، يعيشون في عالمٍ من التافهة، يلهون بالترندات الهابطة التي لا تُقدم ولا تؤخر، بينما المليشيات و الفساد والفشل والجريمة تلتهم كل شيءٍ من حولنا.
في النهاية، يبقى السؤال معلقًا في الهواء: إلى متى سيستمر هذا العبث؟ وإلى متى سيظل المواطنون يدفعون ثمن جرائم لم يرتكبوها؟