آخر تحديث :الجمعة-10 يناير 2025-10:19ص

ضد الأسوار

الجمعة - 10 يناير 2025 - الساعة 02:53 ص

أحمد السلامي
بقلم: أحمد السلامي
- ارشيف الكاتب


إذا حولت الموسيقى في وعيك إلى قواعد مفسرة علميا وإلى تأملات تغوص في المفاهيم النظرية والقواعد التي تعقلن الاستماع، ستخسر حينها تلك اللذة التي لدى من يصغي بإحساسه دون عقله وبمشاعره ووجدانه دون تحليل أو توصيف واهتمام وتركيز على تفصيل مرجعيات النغم.

باستثناء المختصين والنقاد الذين يتوجب عليهم فهم المقامات والألوان الموسيقية والمصطلحات، هناك سحر خاص في الاستماع للموسيقى بعفوية وبساطة بحيث نسمح للأنغام بالتغلغل في الأرواح دون الحاجة لتحليلها.

لاحظ أنك عندما تلتقط زهرة يدهشك جمالها كما هي بعيدا عن تشريحها ودون الحاجة إلى معرفة التصنيف العلمي الدقيق لها.

من المفيد نفسيا وروحيا في حالات كثيرة العودة إلى الفطرة واستعارة الحس البدائي البسيط لتخليق الدهشة في الروح بعيدا عن التعقيدات.

الإصغاء للوجود من حولنا دون أية محاولة لتفسير وتأويل كل حركة يمكن أن يقودنا إلى الفهم وإلى الوضوح أكثر من التذاكي الذي قد يتسبب في انغلاق المعاني والدلالات والابتعاد عن المغزى الذي هو بالأساس في المتناول ولا يتطلب الكثير من العناء وافتعال المكابدة في التلقي.

لنعد إلى براءتنا الأولى وسيسقط الكثير من الزيف والافتعال الذي يحجب عنا بساطة وجمال وسهولة الحياة والفن والعدل والجمال وكل القيم التي تدافع عن نفسها بمنطق يختلف عن السائد اليوم من الادعاءات والتنظيرات التي تبني الأسوار حول كل شيء.

حتى في السياسة نحن نمنح الأحداث أكثر مما تستحق، لذلك نندهش عندما نستمع إلى آراء الأشخاص الذين نصفهم بـ"العاديين" عندما يختصرون توصيفهم للواقع بكلمات بسيطة وواضحة لكنها تكشف بجرأة ووضوح ما لا يمكن استنتاجه من تحليلات الخبراء وأحاديثهم الطويلة والمملة التي لا تقول في النهاية شيئًا يستحق الاهتمام.

أحمد السلامي