منذ انقلاب المليشيات الحوثية وسيطرتها على أجزاء واسعه من محافظات الجمهورية، وهي تشكل تحدياً للشعب اليمني، فقد دمرت الوطن ومقدراتة، وأهلكت الشعب بمختلف فئاته ومكوناته، وتغطرست على المواطنين المقيمين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وتقرصنت في المياة الدولية وأصبحت تشكل تحدياً كبيراً للمنطقة برمتها.
لكنها بعد كل هذا العبث والاستبداد والعنصرية والخراب والدمار الداخلي، والقرصنة والتصعيد والتحرش بالمجتمع الدولي، لن تنجو ولن يمر إجرامها مرور الكرام، فها هي تواجه تغيرات استراتيجية من شأنها أن تحدد مصيرها في المستقبل، أبرزها تصنيفها كجماعة ارهابية، وما نتج عنها من نتائج مثل توقف ميناء الحديدة عن استقبال المشتقات النفطيه، ونقل مقرات البنوك التجارية الرئيسيه من العاصمة المختطفة صنعاء الى العاصمة المؤقته عدن، وتوقف أعمال المنظمات الانسانية الدولية، إضافة إلى فقدانها للحاضنة الشعبية في المناطق التي تسيطر عليها، وانتهاء بالضربات الأمريكية التي تتعرض لها بصورة يومية. هذه العوامل مجتمعة سيكون لها تبعات كبيرة على مستقبل العصابة الحوثية في الأزمة اليمنية.
إن الضربات الأمريكية الجوية والهجمات العسكرية المستهدفة تضع العصابة الحوثية في مواجهة مباشرة مع قوات عسكرية ذات قدرات وإمكانية عالية تعجز المليشيات عن صد غارة واحدة من غاراتها الجوية، مما يجعل هذه الضربات تؤثر بشكل كبير على قدراتها العسكرية واللوجستية، وتوجه لها ضربة موجعة على مستوى معسكراتها وقيادتها العسكرية.
والأهم في ذلك أن العملية العسكرية الأمريكية تأتي في وقت تعاني فيه المليشيات من ضعف في الحاضنة الشعبية. حيث أصبح الشعب اليمني في مختلف المناطق التي تسيطر عليها المليشيات يدرك حجم جرائم القتل والنهب والسلب والاختطافات والاعتقالات والاغتصابات التي ترتكبها، والفوضى التي تسببت فيها خصوصاً في مجالات الاقتصاد والخدمات، والأعمال الإنسانية، والتي ألقت بظلالها على حياتهم اليومية. الحصار، القصف، نقص الخدمات الأساسية، الفقر المدقع، الاعتقالات التعسفية، والجبايات الإجبارية جعلت المواطنين يعيدون تقييم دعمهم للمليشيات الإجرامية. ولا شك أن فقدانهم للحاضنة الشعبية يعكس تراجعاً كبيراً في قوتهم السياسية والاجتماعية، وهو ما سيزيد من عزلتهم على المستويين المحلي والدولي.
لقد أصبحت المليشيات الحوثية اليوم تعاني العزلة الداخليه بعد أن فقدت الحاضنة الشعبية التى كانت اساس تمكين قواتها في مناطق واسعة من الجمهورية، مما يجعلهم في موقف صعب أمام الشعب اليمني الذي بدأ يعود تدريجيا إلى دعم الحكومة الشرعية، هذا الواقع يجعلها في مواجهة متزايدة مع الشعب والقوى السياسية اليمنية الأخرى.
ومن جهة أخرى، أصبحت ميليشيا الحوثي في عزلة أكبر على الصعيد الدولي. فقد كانت الجماعة تحظى بالدعم من قبل إيران ومن قبل بعض الأطراف الإقليمية الأخرى، لكن الضغوط الدولية والإقليمية أصبحت تتزايد ضدهم بشكل كبير وخاصة على إيران التي اعلنت على لسان قائد حرسها الثوري عدم تدخل أو ضلوع بلاده في العملية العسكرية التي تقوم بها المليشيات الحوثية في المياه الدولية.
الواقع الحالي يضع الحوثيين في وضع صعب فمن جهة، يواجهون الضغوط الدولية والعملية العسكرية الأمريكية، ومن جهة أخرى يواجهون تصاعد الغضب والاحتجاجات المحلية ضد حكمهم الطائفي والعنصري، في الوقت الذي يتزايد دعم المجتمع الدولي للحكومة اليمنية الشرعية، مما يعزز موقفها في الساحة العسكرية والسياسية والاجتماعية، ويوفر لها المجال المناسب للاستفادة من المتغييرات المحلية والإقليمية والدولية الحالية والبدء بعملية عسكرية برية للإنقضاض علي المليشيات الحوثية الإجرامية ودفن خرافة الولاية واستعادة الدولة والجمهورية، وإلا فلن يكون هناك تأثير أو فائدة للعملية العسكرية الأمريكية والتغيرات الإيجابية الداخلية والخارجية.